”السعودية تشهد معجزة إنسانية: زوجان يتبرعان بأعضاء لإنقاذ زوجة ثانية.. هل شاهدت شيئاً كهذا من قبل؟”

في مشهد نادر من التآزر الإنساني والعطاء الذي يتجاوز حدود العادات والمشاعر، كتب ثلاثي عائلة سعودية فصلاً استثنائياً من فصول التضحية والرحمة، حيث تحوّل حب الزوجات وزوجهن إلى درس حي في التسامح، والتضحية، وقوة الإنسانية في مواجهة المرض. فبينما كانت إحداهن تصارع الموت بسبب فشل كلوي وتليف كبدي، وقف من حولها ليس فقط كأقارب، بل كأنبياء رحمة، يقدمون أجزاء من أجسادهم لإنقاذها.
هذا ليس سيناريو درامي من مسلسل، بل واقع عاشه أفراد أسرة في المملكة العربية السعودية، حيث تبرعت الزوجة الأولى بجزء من كبدها، وتبعتها الزوجة الثانية بعملية نادرة، لتتلقى كلية من زوجها نفسه، في تجربة طبية وإنسانية تُصنف بين النادرة في التاريخ الحديث.
تفاصيل القصة الإنسانية الكاملة:
في خطوة أذهلت المتابعين والأطباء على حد سواء، نجحت عملية زراعة كلية نُفذت بنجاح لزوجة تعاني من الفشل الكلوي المزمن وتليف الكبد، بعد أن تبرع لها زوجها بكلية من جسده، بينما سبقته زوجته الأولى بالتبرع بجزء من كبدها في عملية سابقة.
الزوجة الثانية، التي لم تُذكر هويتها لأسباب خاصة، دخلت في مرحلة حرجة من المرض، حيث بلغت مستويات وظائف الكلى والكبد حدودها الدنيا، ما استدعى تدخلاً طبياً عاجلاً. لكن ما لم يكن متوقعاً هو أن تأتي يد الخلاص من داخل بيتها، من زوجها ومن زوجة زوجها.
في التفاصيل، كشف الزوج أن زوجته الثانية كانت تعاني من تدهور صحي حاد، ودخلت في قائمة الانتظار للزراعة، لكن فرص الحصول على أعضاء متطابقة كانت ضئيلة. وفي لحظة مفاجئة، تقدمت الزوجة الأولى، الأم لثلاث من الأبناء، لتتبرع بجزء من كبدها، بعد أن أظهرت الفحوصات تطابقها الطبي.
وقالت الزوجة الأولى في تصريح مؤثر:
"الحمد لله أن ربي قدرني على هذا الخير وتبرعت لها، فهي أخت بالنسبة لي وطيبة وحنونة مع بناتي، وأهم شيء أنال رضا الله."
كلمات بسيطة، لكنها تحمل عمقاً إنسانياً هائلاً. ففي مجتمع لا تزال فيه العلاقات الأسرية في الزواج المتعدد موضع جدل، جاءت هذه المبادرة لتُسقط كل الصور النمطية عن الغيرة والتنافس، وترفع مثالاً عملياً على التسامح، والرحمة، والتضامن الأسري.
وبعد نجاح عملية زراعة الكبد، وتحسن حالة الزوجة الثانية نسبياً، قرر الزوج التبرع بكلية له، مكملًا ما بدأته زوجته الأولى. وأكد أن قراره لم يكن عاطفياً فقط، بل نابع من إيمان عميق بواجبه الإنساني والديني:
"كنت أراها تعاني كل يوم، وكنت أسمع صوت بناتها يسألون: 'هل ستعود أمي؟'، فلم أستطع أن أقف متفرجاً."
رد الزوجة الثانية: شهادة حية على المحبة والامتنان
من جهتها، عبرت الزوجة الثانية عن امتنانها العميق، قائلة:
"كنت أعاني من فشل كلوي وتليف بالكبد، وبفضل الله تبرع لي زوجي بكلية، وزوجة زوجي بجزء من الكبد، فهي أخت وسند لي."
هذه الكلمات، التي تختزل سنوات من الألم والشفاء، تُظهر كيف يمكن للحب والرحمة أن تُعيد تشكيل العلاقات الإنسانية، حتى في أكثر الظروف تعقيداً.
وفق إحصائيات وزارة الصحة السعودية، تُجرى سنوياً أقل من 200 عملية زراعة كبد، وحوالي 500 عملية زراعة كلية من متبرعين أحياء، ومعظمهم من الأقارب من الدرجة الأولى. أما أن يُقدّم متبرعان من نفس الأسرة – وزوجة وزوج – لأحد المرضى، فهو حدث نادر جداً، وربما الأول من نوعه في السجلات الطبية بالمملكة.