”كل بيت ينزف”.. طواف يكشف الوضع المأساوي في مناطق الحوثيين

رسم السفير اليمني السابق لدى إحدى الدول العربية، الدكتور عبدالوهاب طواف، صورة مأساوية للواقع الإنساني والاجتماعي في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة، واصفاً الوضع هناك بأنه "كارثة مخيفة"، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً منذ ما وصفه بـ"نكبة سبتمبر 2014".
وفي تصريحات حصرية أدلى بها لوسائل إعلام يمنية، أكد طواف أن الحياة في صنعاء أصبحت شبه معدومة، حيث تحولت الشوارع إلى مساحات فارغة، وغدت الوجوه شاحبة والعُيون زائغة، تعكس حالة من القهر والحزن العميق الذي يعتصر النفوس، ويحيل الأطفال إلى كبار السن قبل أوانهم.
وقال طواف إن المعاناة في صنعاء اليوم بلغت مستويات غير مسبوقة، مشيراً إلى أنه على اتصال دائم مع مواطنين في العاصمة ومحافظات عمران وحجة، حيث تكاد لا توجد بيتاً إلا وهو ينزف من الألم، ولا عائلة إلا وهي تبكي بصمت، بلا دموع، بعد سنوات من الحصار والحرب والقمع.
الثراء الفاحش مقابل الجوع والدموع
وأشار طواف إلى التناقض الصارخ بين حياة المواطنين البسطاء وبين نخبة من قادة الجماعة وأبنائهم، الذين يعيشون في "بذخ وترف"، ويتجولون بأفخر السيارات التي لم تكن موجودة حتى في أزهى فترات الدولة اليمنية السابقة، والتي سمّاها بـ"عصر الكرامة والمرتب المنتظم".
وأكد أن الاقتصاد في المناطق الخاضعة للحوثيين بات محصوراً في أيدي منتسبي الجماعة وأتباعهم، بعد أن تم دفع رجال الأعمال الحقيقيين إلى الإفلاس أو الهروب خارج البلاد، فيما توقفت معظم الأنشطة التجارية والإنتاجية، وتحولت الحياة إلى سلسلة من الانتظارات اليائسة.
عيد بلا فرح.. وأضاحي بلا مشترين
ولفت طواف إلى أن موسم عيد الأضحى هذا العام جاء بلا فرحة، وبلا كسوة العيد، وبلا أضاحي تُذبح، رغم أن أسواق المواشي في صنعاء كانت مكتظة بالأضاحي، لكن "الناس لم تعد تملك ما يكفي لحملها". وأضاف أن غالبية البيوت في صنعاء وباقي المناطق الحوثية تفتقر إلى أبسط مقومات الفرح، في ظل انهيار العملة وارتفاع الأسعار الجنوني.
تشويش على المآسي بخطابات فارغة
وانتقد طواف محاولات الجماعة لإشغال الناس عن معاناتهم اليومية بخطابات إعلامية مليئة بالادعاءات، مثل الحديث عن "بطولات غزة"، أو "كرامات القائد الأشتر"، أو حتى إعادة سفلتة جزئية لمدرج مطار صنعاء بطول 800 متر، معتبراً أن هذه المشاريع الرمزية لا تقدم للمواطنين سوى المزيد من الإحباط، وأن "الزوامل والملازم والمسيرات المليونية لا توفر كسرة خبز واحدة".
الوحدة أم الانفصال؟ لا أحد يهتم... المطلوب هو الخلاص!
ورداً على تساؤلات حول مستقبل اليمن السياسي، قال طواف إن غالبية اليمنيين في المناطق الخاضعة للحوثيين لم يعودوا يهتمون بجدلية الوحدة أو الانفصال، وإنما كل ما يطمحون إليه هو "الفارس الذي سيقتحم عليهم بوابات سجنهم الكبير، وينقذهم من سردابهم المظلم"، في إشارة إلى نظام الحكم الحوثي المستمد من الفكر الزيدي الإمامي.
واختتم طواف رسالته برسالة تفاؤلية إلى أهل صنعاء ومن معهم، قائلاً: "الفرج قريب، ويوم الخلاص من الرسية الزيدية - أسوأ نسخ الإمامة عبر التاريخ - سيكون اليوم الوطني الأعظم لكل اليمنيين، يوم تتحرر فيه الأرض من براثن الطائفية والاستبداد، وتستعيد صنعاء عافيتها، ويسترد الشعب حقه في الحياة الكريمة".