”مدمنو الصراعات لا ينامون إلا على ملفات الخلاف!”.. وزير الأوقاف يشخّص داءً يهدد اليمن

في خطابٍ لاذع وصريح، شنّ وزير الأوقاف والإرشاد الدكتور محمد بن عيضة شبيبة هجومًا حادًّا على ما وصفه بـ"ظاهرة مدمني الصراعات" من السياسيين والإعلاميين، محذرًا من تداعياتها الكارثية على النسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد، وداعيًا إلى عزل هؤلاء عن الساحة العامة لوقف نزيف التفكك والانقسام.
216.73.216.22
وفي تصريحات مدوية، وصف الوزير فئةً من السياسيين والحزبيين — رجالًا ونساءً — بأنهم "لا يجدون راحة إلا في بيئة الخلاف والبلبلة"، مؤكدًا أنهم "مدمنون على الصراعات" إلى درجة أن يومهم لا يبدأ إلا بـ"الاطلاع على ملفات القضايا التي يريدون إثارتها"، ليقضوا بقية أوقاتهم في نثر التحريض عبر التصريحات والمنشورات والتعليقات، حتى يخلدوا للنوم و"على رؤوسهم ملف المحارشة والنغبشة"، في إشارة ساخرة إلى تفاصيل الصراعات الصغيرة التي يُصعّدها هؤلاء دون مبرر وطني أو إنساني.
وأوضح د. شبيبة أن هؤلاء لا يميلون إلى التهدئة، ولا يفضلون التصالح، بل يرفضون حتى مجرد التفكير في "حل العقد"، مشيرًا إلى أنهم يعيشون حالة من الإدمان على الفوضى، ويستمدون طاقتهم من إشعال الخصومات وتوسيع دائرة الانقسام. وقال بلهجة لا تخلو من الألم: "إنهم مرضى، وبحاجة إلى علاج، لا إلى منصات تضخّم أصواتهم وتوسع دائرة تأثيرهم".
وفي تحذير صريح، دعا الوزير المجتمع والقوى السياسية ووسائل الإعلام إلى عدم الاستجابة لهؤلاء أو منحهم أي مساحة للمناورة، قائلًا: "انبذوهم، لا تعطوهم وجهًا. التفاعل معهم يعني المشاركة في تدمير ما تبقى من بلدكم ودولتكم وأمنكم ومستقبل أولادكم".
وأبدى د. شبيبة استياءه من غياب صوت العقل والحكمة في كثير من الممارسات العامة، متسائلًا بمرارة: "أين الحكمة؟ أين المسؤولية؟ أين الحس الوطني الذي يضع مصلحة الوطن فوق المصالح الضيقة؟"، مشيرًا إلى أن ما يجري اليوم من إرهاق متعمد للمجتمع قد أوصل البلاد إلى حالة من التمزق لا تُطاق.
ودعا الوزير إلى وقف فوري لما وصفه بـ"ثقافة الصراع"، مطالبًا جميع الأطراف — سياسيةً وإعلاميةً ومجتمعيةً — بالامتناع عن تغذية الخلافات، والعمل بدلًا من ذلك على تهدئة النفوس، وبناء جسور الثقة، وحل الخصومات عبر الحوار الهادئ والمسؤول.
وخلص د. شبيبة إلى أن مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة تتطلب "عزلها عن الساحة السياسية والإعلامية"، ووضع آليات وقائية لحماية المجتمع من دعاة الفوضى والتشويش، مع فتح مساحات واسعة للحوار العقلاني، وتعزيز ثقافة المسؤولية الوطنية، وتشجيع كل ما من شأنه أن يوحد الصف ويعيد للبلاد هدوءها واستقرارها.
ويأتي هذا الخطاب في وقت تشهد فيه الساحة اليمنية تصاعدًا في الخطابات الاستقطابية والاتهامات المتبادلة بين مختلف الأطراف، ما يثير مخاوف من تأثير ذلك سلبًا على أي مساعٍ للسلام أو الاستقرار، ويضع على عاتق النخب الوطنية مسؤولية كبرى في كبح جماح هذه الثقافة المدمرة.