دراسة حديثة تُبرز فوائد صحية غير متوقعة لشرب القهوة في الصباح: انخفاض خطر الوفاة بنسبة 16%

أظهرت دراسة علمية حديثة نُشرت في "الدورية الأوروبية لأمراض القلب" (European Journal of Preventive Cardiology)، أن تناول القهوة في الصباح الباكر قد يكون مرتبطاً بانخفاض ملحوظ في خطر الوفاة المبكرة، مقارنةً بمن لا يشربون القهوة أو من يتناولونها على مدار اليوم.
الدراسة، التي قادها باحثون من كلية الطب في جامعة تولين الأمريكية، ركّزت على تحليل عادات شرب القهوة لدى أكثر من 40 ألف بالغ من الولايات المتحدة، على مدى ما يقارب عشر سنوات، بهدف فهم التأثيرات الصحية المحتملة لتوقيت تناول القهوة على الصحة العامة والوفيات المبكرة.
وخلال فترة المتابعة، التي امتدت من عام 2003 إلى عام 2018، سُجّل وفاة نحو 4,295 مشاركاً، مما مكّن الباحثين من إجراء تحليل دقيق للعلاقة بين توقيت شرب القهوة ومخاطر الوفاة من جميع الأسباب.
وقد كشف التحليل عن نمطين رئيسيين في استهلاك القهوة: الأول هو تناول القهوة قبل منتصف النهار، والثاني هو توزيع الاستهلاك على مدار اليوم. وتبين أن 36% من المشاركين كانوا من "شرّابي القهوة الصباحية"، بينما كان 14% فقط من الفئة التي تتناول القهوة بشكل منتشر على مدار اليوم.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يتناولون القهوة في الصباح كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 16% مقارنةً بمن لا يشربون القهوة أبداً، حتى بعد ضبط عوامل خطر أخرى مثل العمر، والجنس، ونوع النشاط البدني، والتدخين، وضغط الدم، ومستوى الكوليسترول، ووجود أمراض مزمنة.
وأشار الباحثون إلى أن هذا التأثير الإيجابي قد يكون مرتبطاً بالانسجام بين توقيت شرب القهوة وعوامل الإيقاع اليوماوي (Circadian Rhythm) في الجسم. ففي الصباح، يكون الجسم في ذروة استعداده لاستقبال المنبهات الطبيعية مثل الكافيين، ما قد يعزز من فعالية القهوة في تحفيز الأيض، وتحسين وظائف القلب والأوعية الدموية، وتقليل الالتهابات.
وأوضح القائمون على الدراسة أن القهوة تحتوي على أكثر من 1,000 مركب نشط بيولوجياً، منها مضادات الأكسدة، والبوليفينولات، والكولين، التي تُعتقد جميعها بأنها تساهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان.
ومع ذلك، حذّر الباحثون من أن الدراسة تُعدّ ارتباطية ولا تثبت سببية مباشرة، وأن النتائج لا تشجع على الإفراط في شرب القهوة، خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في النوم أو الحساسية تجاه الكافيين.
وأكد فريق البحث على أهمية النظر إلى "التوقيت" كعامل حاسم في التغذية والصحة، مشيرين إلى أن هذه النتائج تفتح آفاقاً جديدة في فهم كيفية تأثير عاداتنا اليومية، حتى البسيطة منها مثل شرب القهوة، على صحتنا على المدى الطويل.
ويمكن تفسير هذه الفوائد الصحية المحتملة بأن شرب القهوة في الصباح قد يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم، وتحسين الحالة المزاجية، وتعزيز اليقظة والتركيز، ما ينعكس إيجاباً على الأداء اليومي والصحة العامة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تُعد من أوسع الدراسات التي تبحث في تأثير توقيت تناول القهوة على الصحة، وتأتي في سياق تزايد الاهتمام العالمي بالصحة الوقائية، ودور العادات الغذائية اليومية في الوقاية من الأمراض المزمنة.
وينصح الخبراء باتباع نمط حياة متوازن، يشمل تناول القهوة باعتدال، ويفضل في الساعات الصباحية، مع تجنّب الإفراط في الكافيين، خاصةً في المساء، للحفاظ على جودة النوم والتوازن الهرموني.
الدراسة تُعد خطوة مهمة نحو فهم أعمق لعلاقة الغذاء بالصحة، وتدل على أن "متى نأكل أو نشرب" قد يكون بنفس أهمية "ماذا نأكل أو نشرب".