السبت 2 أغسطس 2025 05:31 صـ 8 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

المتساقطون على طريق الوطن.. كيف؟ ولماذا؟!! (الحلقة الثانية)

الجمعة 1 أغسطس 2025 06:17 مـ 7 صفر 1447 هـ
المتساقطون على طريق الوطن.. كيف؟ ولماذا؟!! (الحلقة الثانية)

شيخ طامع
يغلبُ على كثير من الرموز القبلية في اليمن طابعُ الجشع المادي الكبير الذي يمارسونه على الدوام، ويبدو أنها لازمة وراثية من قديم الزمن، إذا ما جرجرنا من الذاكرة البيتين الشعريين المنسوبين لوالي الخليفة هارون الرشيد في اليمن آنذاك الطاغية "معن بن زائدة" في القرن الثاني الهجري:

إذا نحن زدنا من عطاء قبيلة
لنُكفى أذاها زاد فينا انتقــامها
هي النار إن شبَّهتها وعطاؤنا
لها حطب ما زاد زاد اضطرامها

لقد عمدت الإمامة إلى مسخ القبيلة وتشويهها عبر تاريخها بعدة طرق، منها تجهيلهم المتعمد، وأيضا ترويضهم على الحروب والاقتتالات، كسلوك وثقافة يتنشؤون عليها، فتلاحقت أجيال تجيد الحرب أكثر من السلم، وتحمل البندقية أكثر من الكتاب أو القلم. وبين يدينا اليوم نموذج حي لظاهرة تجنيد الأطفال وخطفهم من مدارسهم بعد التغرير عليهم، ومنها إلى جبهات القتال..!

وعادة ما يقوم بعملية التحشيد هذه رموز قبلية، بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، مقابل فتات من المال يتسلمونه من "المشرف" السُّلالي البغيض. وأكثر ألما من ذلك حين تنكرت بعض الرموز القبلية لقيم القبيلة اليمنية الأصيلة المتمثلة في عدم الغدر أو الخيانة، حيث يُعتبر ذلك من العيب الأسود الذي يلحق شناه بفاعله، ومارست أفعالا شائنة في حق مجتمعاتها وأبنائها، خدمة للكيان السلالي البغيض، لنيل الحظوة والقرابة منهم، ولتحقيق بعض المطامع المادية التي يعملون على تحقيقها بأي طريقة من الطرق.


لطالما سمعنا من بعض الرموز القبلية حبهم لوطنهم، وفي لحظة من اللحظات تساقطوا في منتصف الطريق، بحثا عن مطامع زائلة، أو بسبب مماحكات قبلية بين هذه القبيلة وتلك، أو بين أبناء العموم أحيانا. ومن شروخ وتصدعات هذه الخلافات والتباينات تسللت الأفاعي والعقارب السُّلالية إلى أوساط القبيلة اليمنية، وإلى داخل الأسرة الواحدة، ففرقت شملهم وجعلت الأخوةَ أعداء..! استغلت الرموز القبلية - فيما استغلت – القبيلة لمواجهة الدولة، واستغلت الدولة لمواجهة القبيلة إذا ما تمرد على سلطتهم هذا أو ذاك. وفي نهاية المطاف وجدوا أنفسهم لا قبيلة ولا دولة؛ نظرًا لتلاعبهم بالقضايا المصيرية الكبرى.

تنشّأت القبيلة على ثقافة مغلوطة، منها عدم احترام المال العام، وعدم احترام الدولة، ومفاهيم سائدة مثل: "الحلال ما حلَّ باليد" و "شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي". وغيرها من المفاهيم الخاطئة التي لا تنتمي لقيم الدولة العصرية والمدنية المعاصرة.

نشيرُ إلى هذه الحقيقة المُرة، ولكن لا ننسى بالمقابل أن ثمة رموزًا قبلية كثيرة لها مواقف بطولية ووطنية في تصديها لمشروع الكيان الإمامي البغيض والثبات على مبادئ الجمهورية وروح 26 سبتمبر و14 أكتوبر.