”الانفجار قادم من صنعاء”.. الكشف عن لحظة الصفر في عمق سيطرة الحوثيين

كشف الكاتب والصحفي السياسي البارز عبدالسلام القيسي، عن مؤشرات خطيرة تُنذر بانفجار اجتماعي واسع النطاق في المدن الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، واصفًا الأوضاع في المناطق الخاضعة لسطوة الجماعة بأنها "على صفيح ساخن"، وقريبة من لحظة الانفجار الكبير، جراء سنوات من القمع الممنهج، والتجويع، والتنكيل الذي طال مختلف المكونات السياسية والاجتماعية.
وفي تحليل سياسي موسّع رصده موقع "المشهد اليمني" على منصة "إكس" (تويتر)، حذّر القيسي من أن "المدن المحتلة مرشحة للانفجار في وجه المليشيا"، موضحًا أن ما تتعرض له من تضييق أمني واعتقالات تعسفية، خاصة بحق كوادر حزب المؤتمر الشعبي العام وقيادات حزب الإصلاح في محافظات مثل ريمة وإب وذمار وصنعاء، لم يعد محدودًا أو عشوائيًا، بل بات "استهدافًا جماعيًا منظمًا وغير مسبوق".
وأشار القيسي إلى أن صنعاء، عمران، ذمار، وإب تُعدّ من أكثر المناطق اقترابًا من هذه اللحظة الفاصلة، نظرًا لما تتعرض له من حملات انتقامية واسعة، على خلفية مواقفها السياسية والاجتماعية المقاومة في مراحل سابقة، مؤكدًا أن "الإذلال اليومي الذي تمارسه المليشيا بحق المواطنين، خاصة المشايخ والقيادات المجتمعية، كفيل بخلق بركان اجتماعي لا يمكن احتواؤه".
القبيلة والخط الأحمر: "القبيلي لا ينسى الإهانة"
وأكد القيسي أن الاحتقان الاجتماعي في المناطق الخاضعة للحوثيين بلغ مستويات غير مسبوقة، موضحًا أن المليشيا "اقتحمت النسيج الاجتماعي للقبيلة، وأهانت وقتلّت مشايخه"، وهو ما يمثل تجاوزًا لـ"خط أحمر" في الثقافة القبلية اليمنية، التي لا تغفر الإهانة، ولو طال الزمن.
وقال: "القبيلي قد يهادن، لكنه لا ينسى الإهانة، وسينفجر ذات يوم، وبقوة"، مشيرًا إلى أن هذا الاحتقان، المركّب من الإذلال والجوع والقتل، لم يعد قابلًا للصبر، وربما يكون الشرارة التي تُشعل الثورة الداخلية.
الجوع والجباية: "الموت بوجه الجماعة أولى من موت البعير"
وأضاف القيسي أن حملات الجباية القمعية التي تفرضها المليشيا، إلى جانب نهب الموارد وفرض الأتاوات على التجار والمواطنين، فاقَت بكثير قدرة الناس على التحمل، في وقت تشهد فيه اليمن أسوأ أزمة غذائية وصحية منذ سنوات، مؤكدًا أن "الموت جوعًا في ظل الجفاف الزراعي وانهيار الاقتصاد دفع اليمنيين إلى نقطة اللاعودة".
وأوضح: "عندما يصل الناس إلى الموت جوعًا، فسيفضلون الموت بوجه هذه الجماعة، لا الموت كأغنام أو كإبل"، في إشارة إلى أن الجوع واليأس قد يدفعان السكان إلى المواجهة، حتى لو كانت مكلفة.
انقسامات داخلية عميقة: صعدة ضد صنعاء، وصراع "بيت الحكم" مع "بيت المداني"
ولم يقتصر التحذير على الأوضاع الاجتماعية فحسب، بل امتد إلى الانقسامات العميقة داخل جسم الجماعة الحوثية نفسها، حيث كشف القيسي عن صراعات محتدمة بين تيارات داخل المليشيا، تهدد بتمزيقها من الداخل.
وأشار إلى صراع " صعدة القديمة ضد صعدة الجديدة"، وتنافس " هواشم مران" (التيار التقليدي في صعدة) مع " هواشم صنعاء" (التيار المرتبط ببنية الحكم في العاصمة)، فضلاً عن صراع متصاعد بين " بيت الحكم" (عائلة الحوثي) و" بيت المداني" (الذي يقوده يحيى المداني، أحد أبرز القيادات العسكرية والسياسية)، وكذلك التوترات بين مشرفي صعدة ومشرفي حجة.
واعتبر القيسي أن هذه الخلافات الداخلية، التي تدور في الخفاء، تمثل "صدعًا استراتيجيًا" في بنيان الجماعة، وتُضعف قدرتها على التماسك في مواجهة أي اضطراب شعبي أو عسكري، مشددًا على أن "الانهيار الداخلي قد يكون أسرع من أي هزيمة خارجية، إذا ما تزامن مع ثورة اجتماعية وقبلية منظمة".
خلاصة: "الانفجار ليس سيناريو، بل حتمية"
وختم القيسي تحليله بتحذير صريح: "الانفجار ليس سيناريو مستقبلي، بل حتمية تاريخية"، مضيفًا أن المليشيا تعيش اليوم على "وهم السيطرة"، بينما تُبنى تحتها أرضية متفجرة من الغضب، لا تحتاج سوى شرارة صغيرة لتنفجر.
وأكد أن اللحظة الفاصلة باتت قريبة، وأن العالم يجب أن يستعد لسيناريوهات جديدة في اليمن، لا تقتصر على التغيرات العسكرية، بل تمتد إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية والاجتماعية، في حال انهيار الجماعة من الداخل.
وأشار إلى أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا فقط، بل يتطلب رؤية وطنية شاملة، تُعيد بناء الدولة على أسس عادلة، وتحترم التنوع الاجتماعي والسياسي، وتُعاقب من تسبب في كارثة اليمن، دون إقصاء أو تهميش.