”بشرى سارة من اكاديمي وخبير اقتصادي: الدولار سيصل إلى 550 ريالًا!”

في تطور لافت يُعد من أبرز المؤشرات على احتمالات استقرار اقتصادي قادم، زفّ الأكاديمي والخبير الاقتصادي اليمني البارز، الدكتور عبدالواسع شداد، بشرى سارة للمواطنين اليمنيين، بشأن مستقبل أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، مُشيرًا إلى إمكانية وقوع تحوّل جذري في سوق الصرف خلال الفترة القريبة المقبلة.
وأكد شداد، في تصريحات مُوسّعة تناقلتها وسائل الإعلام المحلية، أن سعر صرف الريال السعودي أمام الريال اليمني قد يستقر عند حدود 150 ريالًا، فيما من المتوقع أن يتوقف سعر صرف الدولار الأمريكي عند مستوى 550 ريالًا كمرحلة أولى، في مؤشر يُعد تراجعًا حادًا مقارنة بالأسعار الفلكية التي سادت في الأسابيع الماضية، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 2800 ريال في بعض المناطق.
وقال شداد:
"يبدو أن سعر الريال السعودي أمام الريال اليمني سيتوقف عند 150 ريالًا، والدولار عند 550 ريالًا كمرحلة أولى، في ظل تحركات اقتصادية وضغوط دولية تُسهم في كبح جماح التلاعب بقيمة العملة الوطنية".
وأضاف شداد أن توحيد العملة بين شمال اليمن وجنوبه لا يمكن أن يتحقق فقط عبر اتفاقات سياسية أو توحيد البنوك، بل يتطلب أولًا وأخيرًا توحيد القيمة الشرائية للريال أمام العملات الأجنبية، مشيرًا إلى أن "الانقسام المالي بين صنعاء وعدن لا يُقاس فقط بعدد البنوك أو الإدارات، بل يُقاس بقدرة العملة على الحفاظ على قيمتها في كل شبر من اليمن".
تحذيرات أمريكية صارمة من "مُضاربي السوق"
تأتي هذه التصريحات في ظل تطورات متسارعة على الصعيد الاقتصادي والمالي، كشفت عنها مصادر مطلعة، مفادها أن مسؤولين رفيعي المستوى من وزارة الخزانة الأمريكية عقدوا اجتماعات منفردة مع قيادات بارزة في عدد من البنوك اليمنية، حذروهم خلالها من فرض عقوبات مشددة في حال ثبت تورط أي جهة في عمليات المضاربة غير المشروعة بسعر صرف العملة.
وأكدت المصادر أن هذه اللقاءات تأتي في سياق مراقبة دقيقة للوضع الاقتصادي في اليمن، خصوصًا مع تصاعد الشكاوى من تلاعب ممنهج في السوق، يُهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي يعيشها الشعب اليمني منذ سنوات.
ووفقًا للصحفي الاقتصادي غمدان اليوسفي، فإن الرسالة الأمريكية كانت واضحة وحادة، واستهدفت ما وصفهم بـ"هوامير سوق الصرافة"، موضحًا أن:
"أسعار الصرف التي شهدناها مؤخرًا لا تعكس القيمة الحقيقية للعملة، بل هي نتيجة تلاعب ممنهج تقوده أطراف نافذة، بعضها من داخل مؤسسات الشرعية نفسها، تسعى للاستفادة من الفوضى الاقتصادية".
وأشار اليوسفي إلى أن هذه التدخلات تأتي في إطار جهود دولية لفرض شفافية مالية، ووقف ما وصفه بـ"الحرب الاقتصادية على المواطن"، حيث تُستخدم العملات كأداة للابتزاز وتكديس الأرباح على حساب قوت الناس.
انتعاش مفاجئ للريال اليمني في مناطق الشرعية
وفي تطور إيجابي ملموس، بدأت العملة اليمنية بالتعافي بشكل ملحوظ في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، حيث شهد سعر صرف الدولار تراجعًا حادًا خلال الأيام الأربعة الماضية، من مستوى قياسي بلغ 2885 ريالًا إلى نحو 1600 ريال، في مؤشر يُعد الأسرع من نوعه منذ بدء تدهور العملة.
ويُرجع خبراء هذا الانتعاش إلى الضغوط الدولية، والتحذيرات الصارمة، بالإضافة إلى تدخلات مالية محتملة من جهات دولية داعمة للشرعية، فضلًا عن حملات مكثفة على بعض شبكات الصرافة المشبوهة التي يُشتبه بتورطها في التلاعب بالسوق.
مطالبات شعبية بمحاسبة المتورطين
وسط هذه التطورات، يتصاعد الغضب الشعبي من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي دفعت الملايين إلى حافة الفقر، مع انهيار القدرة الشرائية، وارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية.
وأطلق ناشطون وحقوقيون حملات مطالبة بـمحاسبة المتورطين في انهيار العملة، وطالبوا بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة للكشف عن الجهات التي استفادت من المضاربات، واتخاذ إجراءات صارمة بحقها، داعين إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ووقف التدخلات غير المشروعة في السوق.
آفاق مستقبلية: هل نشهد فعلاً استقرارًا اقتصاديًا؟
رغم التفاؤل الحذر الذي أثارته تصريحات شداد والانتعاش المفاجئ للريال، يبقى التساؤل مطروحًا: هل يمكن أن يستمر هذا التحسن؟ أم أنه مجرد "هدوء قبل العاصفة"؟
يشير مراقبون إلى أن الاستقرار الحقيقي يتطلب خطوات جذرية، منها:
- توحيد السياسة النقدية بين الشمال والجنوب.
- إنهاء تعدد البنوك المركزية الموازية.
- محاسبة الكيانات الاقتصادية المتورطة في التلاعب.
- دعم البنك المركزي بالاحتياطيات اللازمة.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور شداد أن "المرحلة القادمة ستكون حاسمة، إما نتجه نحو استقرار حقيقي، أو نعود إلى دائرة التدهور إذا لم تُتخذ إجراءات جادة وفورية".
خاتمة: الأمل يعود.. لكن التحديات باقية
رغم سنوات من المعاناة، تعود بارقة أمل جديدة مع الحديث عن تراجع حاد في أسعار الصرف، وتدخلات دولية صارمة، وتحذيرات واضحة من تبعات المضاربة.
لكن يبقى التحدي الأكبر أمام الجميع: هل يمكن لليمن أن يُنقذ اقتصاده من براثن الفساد والانقسام، ويبدأ فعلاً في بناء دولة مالية مستقرة تُعيد الكرامة للعملة والمواطن على حد سواء؟
الإجابة، باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى، في يد القرار السياسي والاقتصادي، وفي قدرة الأطراف المعنية على وضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الضيقة.