استقالات جماعية تهز قسم النساء والتوليد بجامعة طنطا.. ”بيئة عمل لا إنسانية”

تفجّرت أزمة غير مسبوقة داخل قسم النساء والتوليد بمستشفى جامعة طنطا بمصر، بعد تقديم ثماني طبيبات استقالات جماعية خلال أقل من عام واحد، احتجاجًا على ما وصفنه ببيئة عمل "غير آدمية" تفتقر لأبسط معايير المهنية والاحترام الإنساني.
ووفقًا لروايات الطبيبات، فإن بيئة العمل داخل القسم اتسمت بالضغوط النفسية والبدنية القاسية، وانعدام الدعم الإداري، الأمر الذي دفعهن لوصف العمل بـ"الكابوس اليومي" بدلًا من الحلم المهني.
نزيف في الكوادر الطبية: 7 طبيبات فقط من أصل 15
من أصل 15 نائبة كنّ يعملن بالقسم، لم يتبق سوى 7 فقط، ما يعكس حجم الاستنزاف والاحتقان داخل المنظومة. ومع تصاعد تفاعل الأزمة على مواقع التواصل الاجتماعي، التزمت جامعة طنطا الصمت لأسابيع، قبل أن تعلن أخيرًا عن اجتماع طارئ لبحث أبعاد الأزمة ووضع حلول عاجلة.
الطبيبة رنين جبر: "استقالة لاستعادة الكرامة"
رنين جبر، الطبيبة الثامنة التي فجّرت الأزمة، نشرت رسالة مؤثرة وصفت فيها 11 شهرًا من العمل بـ"الأسوأ" في حياتها. تحدثت عن ساعات عمل تصل إلى 72 ساعة دون راحة، ونوم على الأرض، وحرمان من أبسط الحقوق كاستخدام الحمام دون إذن، مؤكدة:
"لم نكن أطباء، بل آلات.. قيل لنا: وجودكم غير مرحب به."
سارة مطاوع: "غياب التعليم.. وحضور العقوبات الجماعية"
الطبيبة سارة مطاوع، المستقيلة السابعة، وصفت بيئة العمل بأنها لا تعليمية ولا إنسانية، وقالت:
"لا ماجستير، لا تدريب، لا احترام. نصلي خلسة، ونأكل واقفين، والنوم ممنوع."
وأضافت أن القسم اعتمد نظام العقوبات الجماعية لترهيب النواب، مما خلق مناخًا من التوتر الدائم والخوف.
هايدي هاني: "خرجت بكرامتي قبل أن أفقد نفسي"
هايدي هاني، الطبيبة السادسة التي غادرت القسم، شبّهت توقيع رئيس الجامعة على استقالتها بـ"الإفراج"، ووصفت معاناتها اليومية داخل قسم النساء قائلة:
"كنا ننام على الأرض وسط القطط والصراصير، وتُفرض علينا مهام لا تمت للطب بصلة."
رنيم زنوت: "الأحلام قُتلت والتعلم غاب"
الطبيبة رنيم زنوت ختمت تجربتها برسالة بعنوان:
"حين يصبح الاستمرار خيانة للنفس"،
مشيرة إلى أن القسم كان يفتقر لأي محتوى تعليمي أو تدريبي، بل اعتمد على الأوامر والقمع، وقالت:
"تم التعامل معنا على أننا دخلاء.. وُصفنا بأننا 'نواب زبالة'."
وأكدت أن الاستقالة بالنسبة لها ليست نهاية، بل بداية جديدة في بيئة تقدر الطبيب وتحترم حلمه.
تحرك رسمي من جامعة طنطا: "نجري تحقيقًا شاملاً"
ردًا على تفاقم الأزمة، أصدر الدكتور محمد حسين، رئيس جامعة طنطا، توجيهات بعقد اجتماع طارئ داخل القسم، لبحث أبعاد الأزمة والاستماع لشكاوى الطبيبات.
وأوضح الدكتور أحمد غنيم، عميد كلية الطب، أن الجامعة تنسق حاليًا مع قيادات القسم لعقد لقاء موسع، مؤكداً أن الإدارة حريصة على توفير بيئة عمل مهنية وداعمة للكوادر الطبية.
كما شددت الجامعة، في بيان رسمي، على أنها تتعامل بجدية تامة مع الشكاوى، وستتخذ ما يلزم من إجراءات لحل الأزمة، مع ضمان استمرار تقديم الخدمات الطبية للمرضى بكفاءة.