الأحد 10 أغسطس 2025 11:15 مـ 16 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”تحويل القصر الجمهوري إلى حسينية”؟ تصعيد خطابي بعد مرسوم نزع سلاح حزب الله

الإثنين 11 أغسطس 2025 12:33 صـ 17 صفر 1447 هـ
القصر لجمهوري لبنان
القصر لجمهوري لبنان

تشهد الساحة السياسية في لبنان تطورات متسارعة على وقع قرار حكومي جريء يُعد من أكثر الخطوات جدلًا منذ سنوات، تمثل في إصدار الحكومة اللبنانية، الأسبوع الماضي، مرسومًا يُلزم بـ"نزع سلاح حزب الله تمامًا بحلول 31 ديسمبر 2025"، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على صعيد المطالبات الرسمية بتحييد السلاح عن المشهد السياسي والعسكري الداخلي.

وأثار هذا القرار ردود فعل واسعة، كان أبرزها انسحاب وزراء حزب الله من الحكومة اللبنانية فور إعلان المرسوم، في خطوة تُعتبر بمثابة تحذير سياسي صريح على ما قد يترتب عليه من تداعيات على الاستقرار الحكومي والسياسي في البلاد.

وفي تصعيد خطابي لافت، انتقدت إحدى القيادات النسائية البارزة في الحزب القرار الحكومي، مشيرة إلى أنه يهدد النسيج الوطني ويُقوض التوازنات الطائفية التي يقوم عليها النظام السياسي في لبنان. وقالت في تصريحات صحفية: "نصيحة لوجه الله، خلينا عايشين في جمهورية لبنانية لكل اللبنانيين، أفضل من أن يتحول القصر الجمهوري إلى حسينية".

وجاءت هذه التصريحات كرد فعل على اتهامات وجهتها أوساط سياسية معارضة إلى الحزب، بسعيه لتحويل مؤسسات الدولة اللبنانية، وعلى رأسها القصر الجمهوري، إلى مساحات تُستخدم لأغراض طائفية ودينية، في إشارة إلى ما يُعرف بـ"الحسينية" – وهي أماكن تُستخدم في الشيعة لإقامة مجالس العزاء، خاصة خلال شهر محرم.

وأضافت المتحدثة: "نرفض أي محاولة لاستهداف وجودنا الوطني أو تجريح انتماءاتنا، لكننا في المقابل نتمسك بلبنان دولة مؤسسات ومواطنة، لا دولة ميليشيات ولا دولة طوائف متقاتلة". وتابعت: "ما يُقال عن تحويل القصر الجمهوري إلى حسينية هو تضليل مقصود، يهدف إلى تضييع جوهر الملف، وهو كيف نبني دولة قوية تحترم كل مواطنيها دون تمييز".

المرسوم الحكومي، الذي أُصدر في إطار سلسلة إصلاحات يُفترض أن تُنهي حالة الفوضى الأمنية وتعيد الاعتبار لسلطة الدولة، يُلزم جميع الأطراف غير الرسمية، وعلى رأسها حزب الله، بتسليم أسلحتها للدولة اللبنانية، ويعتبر أن استمرار تواجد سلاح خارج إطار المؤسسة العسكرية يُشكّل انتهاكًا صريحًا للدستور والسيادة الوطنية.

ويرى مراقبون أن هذا القرار، وإن كان رمزيًا في هذه المرحلة، يُعد ترجمة لضغوط داخلية وخارجية متزايدة، خصوصًا من قبل المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الداعمة للبنان، التي تربط المساعدات الإغاثية والمالية بإصلاحات حقيقية تشمل ملف السلاح.

في المقابل، حذّر معارضون من أن تنفيذ القرار قد يُفجّر أزمة سياسية عميقة، خاصة في ظل التوازنات الهشة التي يرتكز عليها النظام السياسي اللبناني. وتساءل نائب برلماني من تيار مدني: "كيف نتحدث عن نزع سلاح حزب الله بينما لا تزال الدولة عاجزة عن فرض سلطتها على الحدود الجنوبية؟"، مضيفًا: "الحل لا يكون بالمراسيم، بل عبر حوار وطني جامع يُعيد بناء الثقة بين مكونات الشعب".

ويُنظر إلى انسحاب وزراء حزب الله من الحكومة باعتباره خطوة تكتيكية أولية، قد تتطور إلى عرقلة عمل المؤسسات أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة، حسب مصادر سياسية مطلعة.

في غضون ذلك، دعت رئاسة الجمهورية إلى "ضبط النفس" و"الالتزام بالحوار"، مؤكدة أن "القصر الجمهوري هو رمز للدولة، ومكان للجميع، ولا يجوز أن يُحوّل إلى مسرح للصراعات الحزبية أو الطائفية".

ويُنتظر أن تتصاعد وتيرة النقاشات في الأيام المقبلة، سواء على مستوى البرلمان أو في الشارع، مع تعدد الدعوات إلى مؤتمر وطني يُعيد صياغة التفاهمات الأساسية للدولة اللبنانية، في ظل تزايد الشعور العام بضرورة الخروج من الأزمة المزمنة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يُمكن للبنان أن يتجاوز معضلة السلاح ويعيد بناء الدولة على أسس من الوحدة والمواطنة؟ أم أن التصعيد السياسي سيدفع البلاد إلى مزيد من الانقسام؟