الخميس 4 سبتمبر 2025 05:12 مـ 12 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

رحلات الأمم المتحدة.. إنقاذ للمدنيين أم امتيازات لقيادات الحوثي؟

الخميس 4 سبتمبر 2025 06:21 مـ 12 ربيع أول 1447 هـ
هزاع البيل
هزاع البيل

بالتزامن مع تزايد الرحلات الجوية الإنسانية إلى اليمن، تتصاعد المخاوف من استغلالها من قبل ميليشيا الحوثي التي شدّدت قبضتها على المنظمات الدولية وواصلت حملات القمع والاعتقالات بحق موظفيها، وصولًا إلى اقتحام مقري برنامج الأغذية العالمي واليونيسف في صنعاء واعتقال 16 من كوادرهما.

كشف هذه التطورات عن مفارقة لافتة بين الدور المفترض للرحلات الأممية كجسر إنساني لتخفيف معاناة المدنيين، وبين ما تحاول ميليشيا الحوثي توظيفه لمصالحها عبر تحويل تلك الرحلات إلى أداة ابتزاز سياسي وعسكري، ففي الوقت الذي تضيّق فيه الميليشيا الخناق على عمل المنظمات وتتعامل مع المساعدات كسلاح للضغط والسيطرة، تعمل في المقابل على تسخير الطيران الأممي لتمكين قياداتها وأفراد عائلاتهم من مغادرة البلاد تحت ذرائع متكررة، مثل تلقي العلاج أو المشاركة في جهود وساطة، الأمر الذي أثار شبهات متزايدة حول طبيعة هذه التحركات وخلفياتها.

لا تقف المخاوف عند حدود اليمن، إذ إن السماح بتنقل قيادات حوثية عبر الرحلات الأممية يُعد خرقًا صريحًا للقانون الدولي وللقرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار 2216 الذي يحظر أي شكل من أشكال الدعم أو التسهيل للجماعة المصنفة إرهابية.

ويرى مراقبون أن استغلال الحوثيين للرحلات الأممية سيفاقم من مستوى التهديد للأمن الإقليمي والملاحة الدولية، إذ يتيح للميليشيا قنوات إضافية للتنسيق مع داعميها في إيران وحزب الله اللبناني، ويحوّل الرحلات التي أُنشئت لإنقاذ الأرواح إلى ممرات خفية تخدم مشروعًا عابرًا للحدود يهدد استقرار المنطقة بأسرها.

تتعرّض مصداقية الأمم المتحدة لاختبار حاسم، فالتساهل أو التغاضي عن استغلال الرحلات الإنسانية سيُفسَّر كانحياز صريح يقوّض مبادئ الحياد ويضعف ثقة المجتمع الدولي بمنظومتها، وهو ما يحمّل بعثتها ووكالاتها مسؤولية مضاعفة في الالتزام بولايتها المعلنة وضمان بقاء الرحلات الجوية في إطارها الإنساني الخالص لخدمة المدنيين واحتياجاتهم العاجلة، بعيدًا عن أي توظيف يمنح الميليشيا امتيازات غير مشروعة.

ومع تصاعد الجدل، ترتفع الأصوات المطالبة بفتح تحقيق عاجل وشفاف يكشف طبيعة الرحلات الأممية ومساراتها، والتحقق من الاتهامات المتعلقة باستخدامها في تهريب قيادات حوثية أو نقل مواد وقطع غيار خلال السنوات الماضية، وتتزايد دعوات وقف الرحلات غير المعلنة فورًا حتى صدور نتائج التحقيق وخضوع جميع الرحلات لإشراف حكومي مباشر، مع إلزام الأمم المتحدة بتقديم إحاطة رسمية إلى مجلس الأمن حول هذه القضية الحساسة.

إن احترام ولاية الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي يفرض أن تبقى الرحلات الأممية مخصصة لخدمة المدنيين فقط، وألا تتحول إلى أداة تمنح ميليشيا الحوثي فرصًا إضافية لتعزيز مشروعها الذي يواصل تمزيق اليمن ويشكل تهديدًا متصاعدًا للأمن الإقليمي والدولي.

216.73.216.131