”رغم غزارة الأمطار.. سكان تعز يدفعون ثمناً باهظاً للماء! كيف؟”

شهدت مدينة تعز، خلال الأيام القليلة الماضية، هطول كميات غزيرة من الأمطار، أعادت الابتسامة إلى وجوه السكان بعد معاناة طويلة من الجفاف والشح المائي، حيث اعتبرها كثيرون بشارة خير وفرصة لانتعاش المخزون المائي، وتحسين الوضع الزراعي، وزيادة تدفق السيول إلى السدود والآبار الجوفية.
216.73.216.139
وأعرب العديد من المواطنين عن فرحتهم بهذه الأمطار، مشيرين إلى أنها جاءت في وقتٍ تزداد فيه حاجة المدينة إلى المياه الصالحة للشرب والري، جراء تفاقم الأزمة المائية في ظل توقف محطات الضخ وانهيار البنية التحتية للمياه، وارتفاع تكاليف شراء المياه من الوايتات.
لكن هذه البهجة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما تحولت إلى استياء واسع، مع استمرار ارتفاع أسعار وايتات المياه بشكل مبالغ فيه، على الرغم من تحسن المخزون المائي النسبي، ما أثار موجة من الاحتجاجات الشعبية وعلامات استفهام حول جدية الإجراءات الحكومية.
وأكد عدد من سكان أحياء متفرقة من المدينة، أن السلطة المحلية في محافظة تعز كانت قد أصدرت، قبل أيام من هطول الأمطار، تعميماً رسمياً يقضي بتخفيض أسعار وايتات المياه بناءً على تحسن الوضع المائي، إلا أن هذا القرار لم يُنفّذ على أرض الواقع، حيث ظلت الأسعار عند مستوياتها المرتفعة، بل شهدت في بعض المناطق ارتفاعاً إضافياً، ما يشير إلى تجاهل تام من قبل موزعي المياه والجهات الرقابية.
وأشار المواطنون إلى أن سعر الوايت الذي كان متداولاً بحدود 15 ألف ريال يمني قبل الأمطار، لم ينخفض رغم تحسن الوضع، بل بقي كما هو أو زاد في بعض الأحياء، وهو ما يُعد استغلالاً واضحاً لظروف المواطنين، خصوصًا مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المدينة.
وأعرب الأهالي عن استغرابهم من غياب أي رقابة حكومية فعّالة على أسعار المياه، مشيرين إلى أن التعميم الذي أصدرته السلطة المحلية بقي حبراً على ورق، دون أي متابعة أو آليات تنفيذية، ما يعزز الشعور بالتهميش وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة.
وفي هذا السياق، طالب عدد من النشطاء المحليين والمواطنين، الجهات المختصة، وعلى رأسها السلطة المحلية ومكتب المياه واللجان المجتمعية، بالتدخل العاجل لفرض الرقابة الصارمة على تجار المياه، ومحاسبة المخالفين، وتفعيل القرار الخاص بضبط التسعيرة، بما يضمن وصول الخدمة إلى السكان بأسعار عادلة ومناسبة.
وأكد المتضررون أن توفير المياه بأسعار مقبولة بات من أبسط حقوق الإنسان، خصوصًا في مدينة تعز التي تعاني من أزمة إنسانية ومعيشية متفاقمة، جراء سنوات من الحرب والانهيار الاقتصادي، مشددين على ضرورة تحويل التعميمات إلى واقع ملموس، لا إلى بيانات إعلامية فقط.
وتحتاج تعز، التي تُعد واحدة من أكثر المدن اليمنية كثافة سكانية، إلى حلول جذرية لأزمتها المائية، تشمل إعادة تأهيل الشبكات، وتشغيل المحطات، ووضع نظام شفاف لتنظيم توزيع المياه، وفرض رقابة صارمة على الأسعار، لضمان العدالة في توزيع هذه السلعة الحيوية، خصوصًا في فترات الشح أو حتى بعد تحسن الظروف الجوية.