”لم يُجرم شيئًا... إلا أنه تاجر صغير في تعز. ماذا فعلت به مليشيا الحوثي؟”

أقدمت مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، على اختطاف التاجر الصغير حسان رشيد عبدالرحمن الأغبري من منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرتها في شرق محافظة تعز، في عملية اعتقال عشوائية أثارت صدمة وغضبًا واسعًا بين أهالي المنطقة، الذين يرون في هذا الفعل جزءًا من نمط منهجي للقمع والابتزاز الذي تنتهجه المليشيات ضد المدنيين.
216.73.216.105
وبحسب مصادر محلية موثوقة، فإن حسان، وهو تاجر صغير يعمل في مجال بيع المواد الغذائية والمستلزمات اليومية بمديرية حيفان، لا ينتمي لأي جهة سياسية أو عسكرية، ولا يملك أي سجل جنائي أو سياسي، بل هو رجل هادئ، معروف بالصدق والأمانة، ويُعدّ مصدر رزق لعائلة مكونة من ثمانية أفراد، بينهم أطفال صغار وأم مسنة تعاني من أمراض مزمنة.
وأضافت المصادر أن قوات الحوثي اقتحمت منزل الأغبري فجر يوم الخميس الماضي، دون مذكرة توقيف أو إشعار رسمي، واقتادته قسرًا إلى سيارة دفع رباعي مجهولة، ثم نُقل إلى سجن الصالح – أحد أسوأ السجون السرية التي تديرها المليشيات في المحافظة، والذي يشتهر بظروفه اللاإنسانية، وعمليات التعذيب المنهجي، وغياب أي رقابة قانونية أو إنسانية.
سجون سرية وقرارات تعسفية
يُذكر أن سجن الصالح، الواقع في منطقة مهجورة خارج الحوبان، لا يخضع لأي مراقبة دولية أو محلية، وهو أحد أبرز المعاقل التي تستخدمها المليشيات لاختطاف واحتجاز المعارضين السياسيين، وحتى المدنيين العاديين، تحت ذرائع واهية مثل "التعاون مع التحالف" أو "التشكيك في ولاء المليشيا".
وأكدت المصادر أن لكل سجن سري في المناطق الحوثية "مشرف" يُعيّن من داخل القيادة الأمنية للمليشيا، ويتمتع بصلاحيات مطلقة في إصدار قرارات الاعتقال، والتحقيق، وحتى الإعدام، دون محاكمة أو محامٍ أو حتى إعلام للأسرة. وغالبًا ما تُستخدم هذه السجون كأداة للابتزاز المالي، حيث تطلب المليشيات فدية بآلاف الدولارات مقابل الإفراج عن المعتقلين – وهي مبالغ لا تستطيع عائلات كثيرة تأمينها.
عائلة تحترق من الحزن
في منزل الأغبري المتواضع في حيفان، تعيش الأسرة كابوسًا لا يُطاق. الأم تبكي بلا توقف، والأطفال يسألون باستمرار: "أين أبي؟"، بينما يجلس الأخ الأكبر، وهو طالب جامعي، في صمتٍ مطبق، يحمل في يده رسالة لم يُكتب لها بعد: "إلى من يُمكنه إنقاذ حسان... هل نحن نعيش في زمن البشر أم في زمن الوحوش؟"
لكن أكثر ما يدمي القلب، هو ما حدث لوالد حسان، رشيد الأغبري، البالغ من العمر 68 عامًا، والذي أُصيب بجلطة دماغية حادة قبل أيام، نتيجة الصدمة والقلق الشديد بعد اختفاء ابنه. وفقًا لطبيب في مستشفى حيفان العام، فإن والد حسان كان يتمتع بصحة جيدة، لكنه فجأة فقد الوعي أثناء مشاهدة أخبار عن اعتقالات جديدة في الحوبان، ودخل في غيبوبة مؤقتة، ويتلقى الآن علاجًا مكثفًا في العناية المركزة، لكن حالته خطيرة، وفق تقارير طبية.
رسالة استغاثة وتحذير
ووجهت المصادر المحلية رسالة مفتوحة إلى قيادات مليشيا الحوثي في منطقة الحوبان، جاء فيها:
"يا من تسيطرون على الأرض بقوة السلاح، وتخنقون الروح بقوة الخوف:
حسان الأغبري ليس مسلحًا، وليس معارضًا، ولا يحمل سلاحًا، بل يحمل سلة خبز وقنينة زيت وكمية من الأرز ليوزعها على الجائعين.
إنكم تعتقلون الناس لأنهم لا يملكون المال، أو لأنهم لا يُظهرون ولاءً مُزيفًا، أو لأنكم تريدون أن تُظهروا قوتكم عبر ترهيب الأبرياء.
لكن اعلموا أن الشعب الصابر لا يموت، والظلم لا يبقى، والدموع التي تسقط على أرض تعز ستتحول يومًا إلى نهر من الغضب.
أطلقوا سراح حسان الأغبري قبل أن يصبح اسمه شهيدًا، قبل أن يتحول والده إلى قبر، قبل أن يفقد الأطفال إيمانهم بالإنسانية.
كفى تعسفًا... كفى ظلمًا... كفى دموعًا."
تداعيات إنسانية وسياسية
ويأتي هذا الاختطاف في سياق تصاعد ملحوظ لعمليات الاعتقال التعسفي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي، خاصة في محافظات تعز وإب وصنعاء، حيث أفادت منظمات حقوقية محلية ودولية بأن أكثر من 3,200 مدني لا يزالون مختفين قسريًا في سجون الحوثي منذ بداية الحرب، معظمهم من التجار، والموظفين، والطلاب، والنساء.
وفي وقتٍ تواصل فيه الأمم المتحدة الدعوة لإطلاق سراح المعتقلين، وتطالب بإدخال لجان تفتيش إلى السجون السرية، تستمر المليشيات في تجاهل كل النداءات، وتعتبر هذه السجون "أجزاء من نظام أمني داخلي" لا يخضع لأي مرجعية خارجية.