العرب ما بين قمة (ذي قار) وقمة (الدوحة)!

في بداية عام 624 من الميلاد ، وجه زعيم بني شيبان ( هانئ بن مسعود الشيباني ) دعوة عاجلة لزعماء قبائل العرب ، لعقد قمة طارئة لمناقشة المستجدات في المنطقة آن ذاك ، فمعلوم ان ملك الحيرة النعمان بن المنذر كان قد رفض طلب ( كسرى الفرس ) بان يزوجه ابنته هند بنت النعمان ، رغم ان النعمان معين في منصبه من قبل كسرى الفرس ، الا النعمان أنف ان يزوج بنته من أعجمي كما هي عادة العرب، حتى ولو كان كسرى الفُرس ملك ثاني قوة في العالم بعد الروم في ذلك الوقت ، غضب كسرى واستدعى النعمان الى بلاطه وتم قتله هناك ، النعمان قبل ان يذهب الى كسرى كان قد لجأ الى هانئ بن مسعود الشيباني زعيم قبيلة بني شيبان، فاستودعه أهله وفي مقدمتهم ابنته ( هند ) كما استودعه ماله وسلاحه، وقد رفض الشيباني تسليم الوديعة لكسرى الفرس ، فقرر كسرى تجهيز جيشا كبيرا و اجتياح قبيلة بني شيبان ومسحها من وجه الارض ، ومن ثم اخذ الوديعة بالقوة ، علم هانئ الشيباني بذلك فاخذ يراسل القبائل العربية ويشرح لهم الموقف ، وفي نفس الوقت قام كسرى بمراسلة تلك القبائل وتحذيرها من ان مصيرها سيكون الابادة اذا وقفت مع بني شيبان ، اذعنت بعض القبائل لتهديدات الفُرس ، بينما استجابت بقية القبائل من جنوب العراق وشمال الجزيرة وغيرها وفي مقدمتها قبائل بني بكر بن وائل ، وتم عقد قمة عربية طارئة بالقرب من بطحاء ذي قار جنوب العراق ، عُقدت القمة فوق رمال ذي قار الحارة وتحت اشعة الشمس المحرقة ، فلا مكيفات ولا مرطبات ولا مقاعد فاخرة ومريحة ولا فنادق لزعماء القبائل يستريحون فيها ، كل هذه الاشياء لم تكن موجودة ، كانت الكرامة هي فقط الموجودة ، وبعد فترة قصيرة من النقاش والتشاور خرجت القمة بالقرارات التالية .
216.73.216.105
1 -رفض كل مطالب كسرى
2 -هند بنت النعمان هي بنت كل عربي وتسليمها وصمة عار والدفاع عنها واجب على كل عربي
3 - الوقوف في وجه الجيش الفارسي مهما كانت النتائج .
4-المبايعة على الموت من اجل الكرامة .
وصلت انباء هذه القمة وقراراتها الى كسرى الفرس ، فاشتد غضبه ، اذ كيف لهؤلاء اجلاف الصحراء ان يتحدوه وهو الذي كانت الروم تخشاه ، امر الجيش بالزحف على ذي قار حيث تجمع العرب هناك ، يقود هذا الجيش امهر قادة الفرس ، كل المعطيات كانت تؤكد النصر الساحق للفرس على العرب فلا مقارنة من حيث العدد والعدة ، وفي بطحاء ذي قار واجه العرب ثاني جيش في العالم ، ودارت هناك معركة لم يعرف العرب في الجاهلية لها مثيل ، انتهت بانتصار ساحق للعرب . انتصار سار باخباره الركبان ودون احداثه الزمان . وقال اليعقوبي ان هذه المعركة حدثت بعد معركة ( بدر ) باربعة الى خمسة اشهر ،، كانت هذه نتائج القمة العربية في ذي قار عام 624 من الميلاد .
وفي النصف الثاني من العام 2025م من الميلاد قام الامير تميم بن حمد امير دولة قطر بتوجيه دعوة لقادة الدول العربية والاسلامية ، من اجل عقد قمة طارئة على ضوء الهجوم الاسرائيلي على الدوحة ، والذي جاء هذا الهجوم تتويجاً لمعركة الابادة التي يشنها العدو على غزة منذ عامين ، والهجوم الذي يشنه نفس العدو منذ فترة على اليمن وسوريا ولبنان وايران والحبل على الجرار ، توافد الزعماء الى الدوحة وفرش لهم السجاد الاحمر ، وجلسوا على المقاعد الفاخرة وشربوا المرطبات واستمتعوا ببرودة المكيفات ، وتسابقوا بالكلمات والادانات ، والشكوى للمجتمع الدولي من افعال هذا العدو . ثم اصدروا العديد من القرارات ، كان من اهمها ان ما تقوم به إسرائيل سيؤثر على مسيرة التطبيع ، عُقدت قمة الدوحة والاعلام الاسرائيلية ترفرف في العديد من الدول العربية ، وانتهت هذه القمة وما زالت تلك الاعلام في مكانها، وحرب الابادة والتجويع مستمرة في غزة . في قمة الدوحة لم يستحضر العرب عزة الاسلام ولا حتى نخوة العرب في الجاهلية . في قمة العرب بذي قار غابت الكماليات وحضرت الكرامة فكان النصر ، وفي قمة العرب في الدوحة حضرت كل الكماليات وغابت الكرامة فكانت الهزيمة ، آه لو يجود لنا الزمان بقمة عربية في الاسلام مشابهة للقمة العربية التي عُقدت بذي قار في الجاهلية.