الصين تتحول إلى خازن الذهب العالمي.. خطوة استراتيجية للأسواق

في تحرك اقتصادي لافت، عززت الصين موقعها كأكبر مشترٍ للذهب عالميًا، لتتحول تدريجيًا إلى خازن الذهب العالمي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنويع احتياطاتها النقدية، وتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي، وسط تقلبات الأسواق العالمية.
216.73.216.39
وكشفت بيانات رسمية أن بنك الشعب الصيني رفع احتياطاته من الذهب إلى أكثر من 2,300 طن خلال العام الجاري، في أعلى مستوى له منذ عقود، متجاوزًا بذلك احتياطات دول كبرى مثل ألمانيا وإيطاليا، ومقتربًا من مستويات الولايات المتحدة.
الصين تعزز احتياطاتها الذهبية لتحصين اقتصادها من تقلبات الدولار
في خطوة استراتيجية تهدف إلى تحصين اقتصادها من تقلبات الدولار الأميركي وأسواق السندات، كثّفت الصين من عمليات شراء الذهب خلال العام الجاري، لتصبح من أكبر الدول الحائزة للمعدن النفيس عالميًا. وتأتي هذه التحركات في إطار سياسة نقدية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدولار، وتعزيز الاستقرار المالي الداخلي في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
بكين تسعى لترسيخ اليوان كعملة احتياطية عالمية
تزامنًا مع توسعها في شراء الذهب، تعمل الصين على تعزيز مكانة عملتها الوطنية "اليوان" كعملة احتياطية دولية، عبر دعمها باحتياطات قوية من الذهب، وتوسيع استخدامها في التبادلات التجارية الثنائية، خاصة مع الدول التي تسعى لفك ارتباطها بالدولار الأميركي. وتُعد هذه الخطوة جزءًا من رؤية أوسع لإعادة تشكيل النظام النقدي العالمي.
الذهب يتحول إلى أداة تفاوضية في التجارة الدولية
تستخدم الصين احتياطاتها المتزايدة من الذهب كأداة تفاوضية في علاقاتها التجارية، خصوصًا مع الدول النامية التي تبحث عن بدائل للدولار في تسوية معاملاتها. ويمنح هذا التوجه بكين نفوذًا أكبر في صياغة الاتفاقيات التجارية، ويعزز قدرتها على فرض شروط أكثر مرونة في ظل التحولات الاقتصادية العالمية.
تأثيرات عالمية مباشرة على الأسواق
أدى الطلب الصيني المتزايد على الذهب إلى ارتفاع أسعاره عالميًا، وسط توقعات باستمرار هذا الاتجاه في ظل استمرار بكين في تعزيز احتياطاتها. كما بدأت عدة بنوك مركزية في آسيا وأفريقيا في تبني سياسات مشابهة، عبر زيادة مشترياتها من الذهب وتقليص اعتمادها على الدولار، ما يعكس تحولًا تدريجيًا في موازين الثقة النقدية.
في المقابل، شهدت الأسواق تراجعًا في الثقة بالدولار الأميركي كملاذ آمن، خاصة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتذبذب أداء الاقتصاد الأميركي، وهو ما دفع العديد من الدول إلى إعادة تقييم سياساتها النقدية والاحتياطية.
ويرى خبراء أن هذه التحركات الصينية تندرج ضمن استراتيجية طويلة الأجل تهدف إلى إعادة تشكيل النظام المالي العالمي، عبر تقوية أدواتها النقدية، وتوسيع نفوذها داخل المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بما يعزز من مكانتها الاقتصادية والسياسية على الساحة العالمية.
قال الدكتور فهد العتيبي، أستاذ الاقتصاد الدولي، إن "تحول الصين إلى خازن عالمي للذهب ليس مجرد تحرك مالي، بل هو رسالة سياسية واقتصادية مفادها أن بكين تستعد لعالم متعدد الأقطاب نقديًا، حيث لا يكون الدولار هو المهيمن الوحيد".
ويضيف أن هذا التحول قد يدفع دولًا أخرى إلى إعادة تقييم احتياطاتها النقدية، والبحث عن أدوات أكثر استقرارًا في ظل تقلبات الأسواق الأميركية.
أقراايضا:شركات أجنبية تضخ 1.6 مليار دولار في مشروعات الغاز المصرية | المشهد اليمني