تدهور خطير في البيئة التعليمية بالضالع: اعتداءات متكررة على المعلمين تُهدّد هيبة المدرسة وكرامة المعلم

تشهد محافظة الضالع في الآونة الأخيرة تراجعًا مقلقًا في منظومة التعليم، تجسّد في سلسلة حوادث عنف متصاعدة طالت المعلمين داخل أسوار المدارس أنفسهم، ما أثار موجة غضب شعبي واسعة ودعوات ملحة للسلطات المحلية والأمنية بالتدخل العاجل لوقف هذا الانهيار الأخلاقي والمهني.
216.73.216.162
وبحسب مصادر محلية مطلعة، فإن آخر هذه الحوادث المروّعة وقعت في مدرسة الوبح بمديرية "غول صميد"، حيث تعرّض المعلم "ناظم" لاعتداء جسدي من قبل مدير المدرسة ذاته، في خلافٍ نشب حول توزيع الحوافز المالية. الحادثة، التي أثارت صدمة في أوساط المجتمع المحلي، لم تكن مجرد خلاف إداري عابر، بل كشفت عن تصدّعات عميقة في الهيكل التنظيمي والمالي للقطاع التعليمي، وغياب الرقابة والمساءلة داخل المؤسسات التربوية.
ولم تتوقف الاعتداءات عند الخلافات الإدارية، بل امتدت لتشمل طلابًا وأولياء أمورهم، في مؤشر خطير على تآكل هيبة المعلم وانهيار سلطة المؤسسة التعليمية. ففي مدرسة الشهيد الجريذي بالضالع، وقعت قبل ثلاثة أيام حادثة مؤسفة، حينما تعرّض معلم للضرب داخل الصف الدراسي أمام طلابه، على يد خال أحد الطلاب، بعد أن تلقى الطالب عقابًا تأديبيًا من معلمه. ولم يكتفِ الجاني بالتعدّي داخل المدرسة، بل فعل ذلك في وضح النهار، دون أي رادع أو خشية من العقاب.
وفي مشهدٍ مُكرّر يعكس غيابًا شبه تام للهيبة والاحترام، شهدت مدرسة الشهيد أحمد عبادي في منطقة الوعرة صباح يوم الخميس حادثة مشابهة، إذ أحضر طالب ابن عمه إلى المدرسة وقام بالاعتداء على معلمه، في استهانة صارخة بقدسية مكان العلم وكرامة من يُعلّم الأجيال.
ويأتي هذا التصاعد في العنف ضد المعلمين في وقتٍ يعاني فيه الكادر التعليمي من أوضاع معيشية قاسية، تفاقمت بسبب تأخر الرواتب وانعدام الحوافز، ما يجعلهم عرضة لضغوط نفسية واجتماعية مزدوجة: "ضرب" الواقع المعيشي من جهة، و"ضرب" الاعتداء الجسدي داخل مكان عملهم من جهة أخرى.
وفي ظل هذا الواقع المتردي، تصاعدت النداءات الشعبية والمهنية المطالبة بتدخل عاجل. ووجّهت منظمات مجتمع مدني، ونقابات تربوية، وأولياء أمور مسؤولين محليين نداءات ملحة للجهات الأمنية والتعليمية في المحافظة، داعيةً إلى:
- اتخاذ إجراءات رادعة بحق مرتكبي الاعتداءات، ممن وصفوهم بـ"البلاطجة" الذين يهددون السلم التعليمي.
- تعزيز الحماية الأمنية للمدارس والمعلمين، وفرض هيبة القانون داخل المؤسسات التعليمية.
- الإسراع في معالجة الاختلالات الإدارية والمالية التي تُغذي بيئة التوتر والعنف.
- تحسين الوضع المعيشي للمعلمين، باعتباره حقًّا مشروعًا يعكس تقدير المجتمع لجهودهم وتضحياتهم في ظل ظروف استثنائية.
ويُجمع المراقبون على أن استمرار الصمت الرسمي إزاء هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى كارثة تعليمية شاملة، تهدد مستقبل أجيال بأكملها، وتفتح الباب أمام مزيد من الفوضى وانهيار القيم داخل أقدس مؤسسة تربوية.