”من يحمي تراث اليمن حقًّا؟ الحوثيون يتهمون موظفًا أمميًّا… بعد سنوات من نهبهم للمتاحف!”
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، أعلنت مليشيا الحوثي الانقلابية، الأربعاء، عن "إحباط محاولة تهريب قطع أثرية ثمينة" من اليمن، زاعمةً أن التمثالين كانا بحوزة أحد موظفي الأمم المتحدة أثناء مغادرته العاصمة صنعاء على متن رحلة تابعة للمنظمة الدولية متجهة إلى جيبوتي.
وبحسب وسائل إعلام تابعة للجماعة، فقد تمكن "موظفو الجمارك بالتعاون مع الأجهزة الأمنية" في مطار صنعاء من ضبط التمثالين المخبأين داخل أمتعة الموظف الأممي، مشيرةً إلى أن القطعتين كانتا "مُخبأتين بدقة"، لكن "يقظة الجمارك وحرصها على حماية التراث الوطني" – بحسب تعبيرها – حالت دون خروجهما من البلاد.
وأكدت المصادر الحوثية أنه تم "تحريز القطعتين واستكمال الإجراءات القانونية"، دون أن تكشف عن هوية الموظف أو طبيعة مهمته أو حتى تفاصيل حول القطع الأثرية المضبوطة، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي من الأمم المتحدة حتى لحظة نشر هذا الخبر.
لكن السؤال الأهم يبقى: هل هذه الرواية صحيحة فعلاً؟ أم أنها مجرد ذريعة جديدة لتشويه سمعة المنظمات الدولية وتعزيز خطاب "العدو الخارجي" الذي تستخدمه الجماعة لصرف الأنظار عن ممارساتها؟
فمن المعروف أن مليشيا الحوثي، منذ سيطرتها على صنعاء عام 2014، لم تكتفِ فقط بنهب الموارد وفرض الضرائب التعسفية، بل اتُهمت مرارًا بتدمير وتهريب القطع الأثرية من متاحف ومناطق أثرية يمنية، لا سيما في مأرب وشبوة وتعز. بل إن تقارير دولية، من بينها تقارير اليونسكو، حذّرت من استغلال الجماعات المسلحة للتراث الثقافي كوسيلة لتمويل عملياتها.
ومن الغريب أن الجماعة التي أغلقت مطار صنعاء أمام الرحلات المدنية لأكثر من 7 سنوات، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية بحجة "السيادة"، تظهر فجأة كـ"حارس للتراث الوطني"! فهل نسي الحوثيون أنهم من منع فرق الترميم الدولية من دخول صنعاء القديمة، المدرجة على قائمة التراث العالمي، وتركوها تتهاوى تحت وطأة الإهمال والقصف؟
الأكثر إثارة للريبة أن لا دليل مادي قُدم حتى الآن: لا صور للتماثيل، لا وثائق تثبت أثريّتها، لا تفاصيل عن موظف الأمم المتحدة، ولا حتى بيان من المنظمة الأممية التي عادةً ما ترد بسرعة على مثل هذه الاتهامات الخطيرة.
بينما يجب حماية التراث اليمني بكل الوسائل – فهو إرث إنساني لا يُقدّر بثمن – فإن استخدام مثل هذه الادعاءات من قبل جماعة مسلحة لم تُعرف يومًا باحترام القانون أو حقوق الإنسان، يثير الشكوك حول نواياها الحقيقية. فهل نشهد هنا محاولة صادقة لحماية الآثار؟ أم مجرد مسرحية دعائية تهدف إلى تبرير مزيد من التضييق على الوجود الدولي في مناطق سيطرتها؟













