الحوثي وخارطة الطريق.. مناورة مكشوفة تحت عباءة الولاء لطهران
يستمر الجدل في الساحة اليمنية حول موقف جماعة الحوثي من خارطة الطريق الأممية، بعد أن رفضت الجماعة المضي في تنفيذها مفضلة الارتهان للمشروع الإيراني والانخراط في صراعاته الإقليمية، ما أدى إلى سلسلة من الانتكاسات والخسائر في اليمن والمنطقة.
الحوثي يرفض خارطة الطريق ويلوذ بطهران
رفض الحوثيون خارطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة، مفضلين الاستمرار في التبعية لإيران وخوض حروبها في المنطقة. ونتيجة لذلك، شهد محور طهران هزائم متتالية، وتراجعت أذرعه في سوريا ولبنان، مع مقتل قيادات حوثية بارزة وتدمير منشآت حيوية كمطار صنعاء وميناء الحديدة، في مشهد يعكس فشل المشروع الإيراني في اليمن.
ورغم هذه الخسائر، يحاول الحوثي اليوم الظهور بخطاب متذاكٍ يتجاهل الواقع والانكسارات التي مُني بها، مقدماً نفسه كطالب سلام بينما يتهرب من أي استحقاقات حقيقية أو التزامات تجاه المواطنين.
سلام على الورق.. وواقع من الأزمات
يحاول الحوثي تسويق نفسه كطرف يسعى للسلام، لكنه في الواقع يتجاهل معاناة اليمنيين الذين أنهكتهم الحرب والجوع ونهب الموارد. فرفضه دفع الرواتب واستمراره في افتعال الأزمات الاقتصادية يؤكد أن هدفه ليس السلام بل ترسيخ السيطرة خدمةً لإيران.
تبعية القرار الحوثي لإيران
يتساءل المراقبون: كيف يمكن لجماعة تدير قراراتها من طهران أن تُقنع العالم بصدق نواياها في السلام؟
فكل تحركات الحوثي - بحسب مصادر سياسية تحدثت لـ"المشهد اليمني" - تتم بإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني، في حين لا يزال ولاؤه مرتبطاً بالولي الفقيه لا بمصالح اليمنيين.
كما أن الجماعة تخلت عن مواقفها السابقة تجاه حلفائها في محور إيران، إذ لم تطالب بوقف الحرب في غزة، وركّزت على حماية مصالح طهران، في مشهد يُظهر جوهر مشروعها السلالي القائم على خدمة إيران لا اليمن.
تخلي طهران عن أذرعها
تتعامل إيران مع أذرعها في المنطقة كجبهات متقدمة لحماية مصالحها، لكنها سرعان ما تتخلى عنها عندما تتغير موازين القوى. فقد تخلت عن حزب الله ونظام بشار الأسد في ذروة تراجع نفوذها، ولم تُصدر حتى بياناً يطالب بوقف القصف الإسرائيلي على غزة، ما يؤكد أن مصالح طهران فوق كل اعتبار.
هدنة مؤقتة أم مراوغة جديدة؟
يرى مراقبون أن كل هدنة يعلنها الحوثيون ما هي إلا استراحة لإعادة التموضع أو التهيئة لجولة جديدة من الصراع، بينما يعيش اليمنيون واقعاً مأساوياً نتيجة توقف الرواتب وانعدام الخدمات.
فالحديث عن السلام لا يمكن أن يكون حقيقياً ما دامت الجماعة تكدّس السلاح وتحفر الخنادق وتغرس فكراً دخيلًا على المجتمع اليمني.
تصريحات جديدة بعد تهديدات الرياض
وفي أحدث موقف، أعلنت ميليشيا الحوثي أمس الأربعاء استعدادها لاستئناف مسار السلام مع المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أيام فقط من تهديدات أطلقتها ضد الرياض باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
وجاء الإعلان على لسان الناطق الرسمي للجماعة محمد عبدالسلام عقب لقائه بالمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، وقال في بيان نقلته وسائل إعلام تابعة للجماعة إنه بحث "خارطة الطريق المقدمة للأمم المتحدة والمتفق عليها مع الجانب السعودي برعاية سلطنة عمان".
وشدد الوفد الحوثي، بحسب البيان، على "ضرورة تنفيذ بنود الخارطة وعلى رأسها الاستحقاقات الإنسانية"، متهماً أطرافاً لم يسمها بالمماطلة دون مبرر.
اللقاء تناول أيضاً قضية العاملين في بعض المنظمات المحتجزين لدى الجماعة، والمتهمين بالتورط في أنشطة تجسسية. وزعم الحوثيون امتلاكهم أدلة تثبت تلك الاتهامات، مؤكدين - وفق بيانهم - حرصهم على استمرار عمل المنظمات الإنسانية دون الإخلال بما أسموه "أمن البلاد".
الطريق الوحيد
يرى مراقبون أن الطريق إلى السلام في اليمن لا يمكن أن يمر عبر المناورات الإعلامية أو الشعارات المضللة، بل من خلال حوار مباشر مع الحكومة الشرعية باعتبارها الممثل الحقيقي للشعب اليمني. أما استمرار الارتهان لطهران والمراوغة في تنفيذ الالتزامات، فلن يجلب للحوثيين سوى مزيد من العزلة والانكسار، كما أثبتت التجارب السابقة.













