السبت 8 نوفمبر 2025 02:32 صـ 17 جمادى أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

انقسام حوثي ب صنعاء: ناشط يكشف ”هدر” 15 مليار ريال بهيئة الزكاة ويطالب بمدينة طبية بدلاً من ”توزيعات وهمية”

السبت 8 نوفمبر 2025 03:01 صـ 18 جمادى أول 1447 هـ
تعبيرية
تعبيرية

في مؤشر جديد على تصدع الجبهة الداخلية لجماعة الحوثي وتفاقم فضائح الفساد التي تعصف بقياداتها في صنعاء، هاجم الناشط والصحفي المعروف بانتمائه للجماعة، علي الأمير، رئيس ما يسمى بـ"الهيئة العامة للزكاة" شمسان أبو نشطان، في نقد علني نادر كشف فيه عن ما وصفه "هدراً كبيراً" لأموال الزكاة، مقدماً اقتراحاً بديلاً يثير تساؤلات حول جدوى آليات العمل المتبعة في المؤسسات التابعة للجماعة.

تفاصيل الهجوم والاتهامات الصريحة:

جاء هجوم الأمير في سياق تعليقات على الأداء المالي للهيئة، حيث شكك في جدوى الطريقة المتبعة في احتساب عدد المستفيدين من أموال الزكاة وحجم المبالغ المصروفة، واصفاً إياها بأنها "غير فعالة وتؤدي إلى إهدار موارد هائلة دون تحقيق الأهداف المرجوة".

وقد فنّد الأمير، في تصريحات أثارت جدلاً واسعاً، المنهجية الحالية قائلاً: "لو بقينا نحسبها بهذه الطريقة، عدد المستفيدين وحجم المبلغ، فسوف تهدر أموال كثيرة ولن تحقق الهدف المرجو منها". ولم يكتفِ بالنقد، بل قدم رؤية بديلة جذرية، حيث أوضح أن المبلغ الضخم الذي قدره بـ 15 مليار ريال، كان من الممكن استثماره في مشروع استراتيجي يخدم المواطنين على المدى الطويل.

وأضاف الأمير: "مبلغ 15 مليار ريال كان يمكن أن يُستثمر في إنشاء مدينة طبية مستقلة تتبع الهيئة، بما يضمن حصول المواطنين على خدمات صحية حقيقية وملموسة، بدلًا من الاكتفاء بأرقام تُدرجها إدارات المستشفيات وفقًا لكشوف الأسماء الواردة إليها". هذا الطرح يضع finger على ما يعتبره مراقبون خللاً جوهرياً في آليات توزيع الدعم، التي تركز على الكميات والأرقام بدلاً من جودة التأثير واستدامة الخدمات.

رد رئيس هيئة الزكاة والدفاع عن الأرقام:

على الفور، سارع رئيس الهيئة العامة للزكاة، شمسان أبو نشطان، للرد على هذه الاتهامات، محاولاً تقديم صورة إيجابية عن أداء مؤسسته. وفي بيان له، أعلن أن "إجمالي المستفيدين بلغ 521 ألف مستفيد، وإجمالي المبلغ المقدم من الهيئة 15 مليار ريال وهي من أموال المزكين بارك الله فيهم".

كما سعى أبو نشطان إلى طمأنة الرأي العام، مؤكداً استمرار هيئته "في تقديم التمويلات اللازمة لاستمرار الخدمات المجانية في مستشفى الجمهوري، ولا صحة للشائعات عن توقفها"، في إشارة واضحة إلى أن النقد الموجه له لم يقتصر على آليات التوزيع فقط، بل طال شفافية الدعم لمؤسسات حيوية مثل المستشفيات.

سياق أوسع: تصاعد النقد الداخلي وأزمة الثقة:

يأتي هذا الخلاف العللي في وقت تتزايد فيه حوادث الفساد ونهب المال العام التي تكشف عنها مصادر داخل جماعة الحوثي نفسها. ويعد الهجوم الذي قاده ناشط من داخل الصف الحوثي، وليس من خصوم سياسيين، ذا دلالة خاصة، حيث يعكس وجود تململ داخلي متزايد تجاه سياسات القيادة وإدارتها للملف العام.

ويكشف هذا النقد عن صراع خفي على السلطة والموارد داخل بنية الجماعة، كما يضعف الرواية التي تحاول الجماعة تسويقها حول كفاءتها في الحكم ومحاربة الفساد. فبدلاً من تقديم نموذج بديل، تظهر هذه الفضائح المتتالية أن الممارسات الإدارية والمالية في مناطق سيطرتها تعاني من نفس العلل التي تنتقد بها السلطة الشرعية.

ويبقى السؤال الأهم حول مدى تأثير هذه التصريحات على الرأي العام في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، الذين يعانون من أوضاع اقتصادية وإنسانية صعبة، ويتطلعون إلى أموال الزكاة والصدقات كشريان حيوي قد يخفف من معاناتهم. فالجدل الدائر حول "مدينة طبية" مقابل "أرقام على كشوف" يلخص جوهر أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات الحوثية التي تدير مقدراته.