الأحد 4 مايو 2025 02:15 مـ 7 ذو القعدة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

ليست حضرموت .. محافظة تسعى لحكم ذاتي وابناءها هم أطيب اليمنيين

السبت 3 مايو 2025 10:59 مـ 6 ذو القعدة 1446 هـ
الكاتب خالد الذبحاني
الكاتب خالد الذبحاني

المظلومية والتعرض للتهميش والحرمان والظلم، صارت الشعار الذي ترفعه كل المحافظات اليمنية شمالا وجنوبا، والجميع تقريبا يندبون حظهم العاثر ويعتبرون ان الدولة ظلمتهم ولم تتعامل معهم بانصاف وعدل وحرمتهم من أبسط الحقوق، والحقيقة هي ان الجميع وبدون استثناء تعرضوا لقدر من الظلم والتهميش، ولم تسلم أية محافظة من هذا الأمر الذي يحز في النفس ويشعر أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية والشرقية والغربية بالقهر والرغبة في استعادة حقوقهم العادلة غير منقوصة.

واذا كان هذا الواقع المرير لم يظهر إلى السطح الا بعد الوحدة اليمنية، فإن من بين كل المحافظات اليمنية، نالت محافظة الحديدة القسط الاكبر من الظلم والتهميش وبشكل مريع أكثر من أي محافظة يمنية، وهذا الظلم والتهميش لم يبدأ بعد الوحدة اليمنية كما هو حال كثير من المحافظات اليمنية، ولكنها تعرضت لكل صنوف الجور منذ أن كان الإمام يتربع على عرش السلطة، واستمرت المعاناة حتى بعد ثورة سبتمبر وعانت المحافظة وابناءها الويل والثبور وعظائم الأمور حتى في عهد الحمهورية، وحدث ذلك قبل وبعد الوحدة، ولا يزال القهر والتعنت والظلم مسمترا في هذه المحافظة حتى كتابة هذا المقال.


الحديث عن المظالم التي تعرضت لها محافظة الحديدة وابناءها، لا يتسع المجال هنا لذكرها، فهي تحتاج إلى كتب ومجلدات لشرحها، ولكني ساذكر مثال بسيط سيجعل كل ابناء المحافظات اليمنية الأخرى يدركون ان ما وقع عليهم من ظلم وتهميش لا يعادل شعرة واحدة مما تعرض له ابناء محافظة الحديدة ولا يزالون يتعرضون له، ففي جميع المحافظات يتمنون سقوط الأمطار لأنها تنبت الزرع وتجعل الأجواء جميلة وممتعة، ويتمتع الجميع بمشاهدة زخات المطر من خلال شباك منازلهم أو يستمتعون بصوت تساقط المطر وهم يمضغون القات، لكن ابناء محافظة الحديدة حين يسمعون صوت البروق ويشاهدون الغيوم تتلبد، والسماء مكفهرة، ويدركون ان الأمطار ستهطل، فإن أجسامهم ترتعش وتكاد قلوبهم تتوقف عن الخفقان، ويشعرون بالرعب والهلع، لأن تلك الأمطار قد تدمر حياتهم وتقتل أطفالهم وتقضي على مواشيهم، لأنهم ببساطة لا يمتلكون منازل تحميهم من السيول، بل يعيشون في عشة من القش سيجرفها السيل ويقضي على من بداخلها، وقد شاهدنا جميعا قبل فترة ماذا فعلت الأمطار والاعاصير بابناء هذه المحافظة المنكوبة، وراينا بأم أعيننا جثث الأطفال والنساء والرجال وهي تطفوا على سطح المياه، ولم يحرك أحدا ساكنا وكأنهم ليسوا بشر.

محافظة الحديدة تمتلك كل المقومات لإقامة دولة مستقلة ذات سيادة، ومع ذلك فإن ابناء الحديدة لا يفكرون مطلقا بهذا الأمر، وكل مايريدونه ويحلمون به وقف هذا التهميش والظلم، ويتمنون حكم ذاتي مستقل ضمن إقليم تهامة، حتى يمكنهم المشاركة في السلطة وصنع القرار، وهو حق مشروع دستوريا، وضمن مخرجات الحوار الوطني.

ومن الإنصاف الإشارة إلى ان
هناك ميزة عظيمة يتميز بها ابناء إقليم تهامة عن بقية ابناء الأقاليم والمحافظات اليمنية، وهو ان مطالبتهم بحكم ذاتي مستقل لا يصاحبه صرخات عنصرية مليئة بالكراهية والحقد ضد الأخرين، فما تعرض له ابناء تهامة من جور وظلم على مدى سنوات طويلة كان يمكن ان يحولهم إلى وحوش كاسرة يكرهون كل ما هو يمني، لكن الله اكرمهم بقلوب طيبة ونوايا مخلصة وبساطة وتواضع لا مثيل له، لذلك اذا تحقق لهم حكم ذاتي فإنهم سيتعاملون مع بقية ابناء المحافظات اليمنية بكل ود وحب واحترام وتقدير، فقد جنبهم الله العنصرية الكريهة وحفظ لهم سلوكهم النبيل في التعامل الحسن مع كل اليمنيين، وحتى مع غير اليمنيين، وهذا أمر مفروغ منه، ومشهود لأبناء إقليم تهامة تواضعهم ودماثة أخلاقهم مع الجميع وبدون استثناء.


وختاما فهناك أمر يتفق فيه جميع اليمنيين، وهو ان أبناء إقليم تهامة ليس في قاموسهم تلك الكلمات المزعجة والمؤذية (( دحباشي، زيدي، ضالعي، عدني، يافعي...الخ)) وهي الكلمات التي تجرح الأذن، ومل اليمنيين من تكرارها، لأنها تصيب نفوسهم بالنفور والتقزز، ولا تسمع منهم إلا الكلام الذي يفرح القلب، ويبهج النفس ويثلج الصدر، ويتعاملون مع كل ابناء اليمن بسلوك قويم وأخلاق عالية، وهو أمر لا يجعل ابناء إقليم تهامة يشعرون وحدهم بالفخر والاعتزاز، بل هو فخر وسعادة وسرور لكل يمني داخل اليمن وخارجها.