تهافت الناس على المقويات الجنسية: بين الواقع والانعكاسات

في السنوات الأخيرة، شهدت الأسواق العربية، وخاصة في المملكة العربية السعودية، تزايدًا ملحوظًا في الطلب على المقويات الجنسية. هذا التهافت يعكس تحولات اجتماعية وثقافية، ويطرح تساؤلات حول الأسباب والدوافع، ومدى تأثير الإعلام والمنتجات الثقافية على السلوكيات الفردية والجماعية.
أولًا: الأسباب والدوافع
1. التأثير الإعلامي والثقافي
تُعرض وسائل الإعلام، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات، صورًا مثالية وغير واقعية للعلاقات الجنسية، مما يخلق توقعات غير منطقية لدى الأفراد. هذا التمثيل المبالغ فيه يؤدي إلى شعور بالنقص والقلق، ويدفع الكثيرين للبحث عن حلول سريعة لتعزيز الأداء الجنسي.
2. القلق من الأداء والضغوط الاجتماعية
تُعد القضايا المتعلقة بالأداء الجنسي مصدر قلق شائع بين الرجال، خاصةً في المجتمعات التي تُولي أهمية كبيرة للفحولة والقدرة الجنسية. هذا القلق، المدفوع بتوقعات المجتمع، يدفع الأفراد للجوء إلى المقويات كحلول فورية.
3. ضعف التوعية الجنسية
في العديد من المجتمعات العربية، بما في ذلك السعودية، تفتقر المناهج التعليمية إلى التثقيف الجنسي الشامل. هذا النقص في التوعية يؤدي إلى مفاهيم خاطئة حول الصحة الجنسية، ويزيد من الاعتماد على المنتجات التجارية دون استشارة طبية.
ثانيًا: التأثيرات الاجتماعية والنفسية
1. الاعتماد النفسي على المقويات
يؤدي الاستخدام المتكرر للمقويات دون حاجة طبية إلى اعتماد نفسي، حيث يشعر الفرد بعدم القدرة على الأداء الجنسي بدونها، مما يؤثر سلبًا على الثقة بالنفس والعلاقات الزوجية.
2. تزايد الضغوط المالية
يُشكل الإنفاق المستمر على هذه المنتجات عبئًا ماليًا على الأفراد، خاصةً مع ارتفاع أسعار بعض المقويات، مما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي للأسرة.
ثالثًا: السوق بالأرقام
1. السوق السعودي
وفقًا لتقارير حديثة، يُقدّر حجم سوق منتجات العافية الجنسية في السعودية بحوالي 200.3 مليون دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 299.7 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.58%.
2. السوق الإقليمي والعالمي
إقليميًا، يُتوقع أن ينمو سوق العافية الجنسية في الشرق الأوسط وأفريقيا من 1.8 مليار دولار أمريكي في عام 2022 إلى 2.39 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.8%. 
عالميًا، بلغ حجم سوق العافية الجنسية 36.5 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 75.7 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 7.53%.
رابعًا: البعد الديني
في الإسلام، تُعد الصحة الجنسية جزءًا من العافية العامة، ويُشجّع على الاهتمام بها ضمن إطار الزواج. ومع ذلك، يُحذر من الاستخدام غير المشروع للمقويات أو اللجوء إليها دون استشارة طبية، خاصةً إذا كانت تؤدي إلى ضرر أو تُستخدم لتحقيق رغبات خارج إطار الزواج الشرعي.
كما يُشدد العلماء على أهمية التوازن والاعتدال، ويُحث الأزواج على التواصل والتفاهم لحل المشكلات الجنسية دون اللجوء إلى حلول مؤقتة قد تُسبب أضرارًا صحية أو نفسية.
خامسًا: التوصيات
1. تعزيز التوعية الجنسية: ينبغي إدراج برامج تثقيفية في المناهج التعليمية تُعنى بالصحة الجنسية، وتُصحح المفاهيم الخاطئة.
2. تنظيم سوق المقويات: يجب فرض رقابة صارمة على بيع المقويات، والتأكد من بيعها بوصفات طبية، للحد من الاستخدام العشوائي.
3. تشجيع الحوار الأسري: ينبغي تعزيز التواصل بين الأزواج لمناقشة المشكلات الجنسية بصراحة، والبحث عن حلول مشتركة.
4. الاستشارة الطبية: يُوصى باللجوء إلى الأطباء المختصين عند مواجهة مشكلات جنسية، بدلاً من الاعتماد على المنتجات التجارية دون تشخيص دقيق.
إن تهافت الناس على المقويات الجنسية يُعد مؤشرًا على تحولات اجتماعية وثقافية تتطلب وقفة تأمل. من الضروري معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، من خلال التوعية، والتنظيم، والتوجيه الديني، لضمان صحة جنسية سليمة تنعكس إيجابيًا على الفرد والمجتمع.