الجمعة 6 يونيو 2025 09:34 صـ 10 ذو الحجة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

رصد نادر من تلسكوب جيمس ويب يعيد صياغة المفاهيم الكونية

هل نعيش في كون متعدد؟ ضوء غامض من مجرة ”مستحيلة الرؤية” يربك العلماء

الأربعاء 4 يونيو 2025 11:27 مـ 8 ذو الحجة 1446 هـ
مجرة جديدة
مجرة جديدة

في لحظة قد تغيّر نظرتنا إلى نشأة الكون، التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي ضوءًا قادمًا من مجرة قديمة تدعى JADES-GS-z13-1، يعود وجودها إلى ما لا يزيد على 330 مليون سنة بعد الانفجار العظيم؛ هذا الرصد المبكر يُعد اختراقًا مذهلًا، ليس فقط لأنه يسلط الضوء على مرحلة غير مرئية من التاريخ الكوني، بل لأنه يطرح فرضيات علمية تتجاوز حدود الواقع المألوف، ومنها احتمال وجود أكوان موازية.

المفارقة الكبرى .. ضوء لا ينبغي لنا رؤيته

في ذلك الزمن السحيق من عمر الكون، كان الهيدروجين المحايد يملأ الفضاء، ما جعله غير شفاف للضوء، وفقًا لنظرية "عصر إعادة التأين"، لم تبدأ المجرات في إرسال الضوء المرئي إلينا إلا بعد مرور نحو مليار سنة على الانفجار العظيم، حين أصبح ضوء النجوم كافيًا لتأيين الهيدروجين المحايد.

وكسرت المجرة GS-z13-1 هذه القاعدة، إذ أظهرت انبعاثات "ليمان ألفا" التي لا يُفترض رؤيتها في هذا العصر المبكر، هذه الظاهرة أربكت العلماء، ودفعتهم للتساؤل: كيف يمكن لضوء من تلك الحقبة أن يخترق "حجاب" الهيدروجين المحايد ويصل إلينا؟

الفرضيات العلمية نجوم ضخمة أم ثقوب سوداء؟

تشير الدراسة المنشورة في مجلة "نيتشر" إلى احتمال أن تكون المجرة نفسها قد خلقت منطقة صغيرة من إعادة التأين، سمحت بمرور الضوء، هذا قد يكون ناجمًا إما عن وجود نواة مجرية نشطة (AGN) أي ثقب أسود هائل، أو عن نجوم نادرة تعرف بـ"نجوم الجمهرة الثالثة" (Pop III)، والتي يعتقد أنها كانت أضخم وأكثر إشعاعًا من أي نجم نعرفه حاليًا.

وتكمن العقبة في أن الكتلة النجمية المقدّرة للمجرة لا تدعم هذا التفسير، لذلك يبرز احتمال وجود ثقب أسود هائل في قلب المجرة، قادر على ابتلاع المادة وإنتاج تدفقات هائلة من الغاز، تُحدث منطقة شفافة تسمح للضوء بالمرور.

هل هناك كون آخر يرسل لنا إشاراته؟

رؤية هذا الضوء من مجرة يُفترض أنها محجوبة تفتح الباب أمام فرضيات أكثر جرأة، بينها احتمال وجود أكوان موازية، أو "فقاعات كونية" تتداخل مع كوننا بطريقة ما؛ وفي هذا السياق، يقول بعض الفيزيائيين إن أي اختلال في الضوء الصادر من العصور الأولى قد يكون أثرًا من تفاعل كوننا مع أكوان أخرى، وهي فرضية مثيرة لكنها لا تزال في نطاق التأمل النظري.

التلسكوب الذي غيّر قواعد اللعبة

تلسكوب جيمس ويب، التابع لوكالة ناسا، لا يلتقط فقط صورًا عالية الدقة للمجرات البعيدة، بل يكشف عن تفاصيل لم يكن بالإمكان الوصول إليها من قبل عبر المسح المتقدم خارج المجرة، تمكّن من رصد انبعاثات نادرة تعود لمراحل عمر الكون الأولى، في حين أن النظريات الفيزيائية كانت تستبعد حدوث مثل هذا الرصد.

العلم في لحظة حاسمة

ما رصده العلماء لا يزال في طور التحليل والدراسة، لكن المؤكد أن هذا الاكتشاف يعيد فتح ملفات كونية قديمة ويطرح أسئلة جديدة حول أصل الكون وبنيته وحدوده، وفي هذه المرحلة يقف العلم أمام مفترق طرق بين ما نعرفه وما نكتشفه، وبين ما هو محتمل وما هو "مستحيل"، وفق مفاهيمنا الحالية.

مجرة GS-z13-1، تلسكوب جيمس ويب، الانفجار العظيم، عصر إعادة التأين، ليمان ألفا، الهيدروجين المحايد، الثقوب السوداء، نجوم الجمهرة الثالثة، الأكوان المتعددة، وكالة ناسا، الأكوان الموازية، الضوء الكوني، الكون المبكر، اكتشافات جيمس ويب، AGN، Pop III، الفيزياء الفلكية