مناشدة إنسانية مُلحة من أسرة ”الحسني” قبل ساعتين من تنفيذ حكم القصاص

في مشهدٍ تختلط فيه دموع الحزن بأصوات الدعاء، وتمتزج فيه لحظات اليأس مع بصيص من الأمل، تقف أسرة الشاب عبدالله سالم عبدالله الحسني على أعتاب لحظة مصيرية لا تُحتمل — حيث بات تنفيذ حكم القصاص بحق ابنهم على بعد يومين فقط من تنفيذه.
وسط حالة من التوتر النفسي والانهيار العاطفي، أطلقت الأسرة نداءً إنسانيًا موجعًا، وجهته إلى والد المجني عليه محمد أحمد صالح الجعيملاني ، وإلى عائلته الكريمة، تتوسل فيه العفو والرحمة في هذه اللحظات الحرجة التي تسبق تنفيذ الحكم. النداء، الذي صدر عن قلبٍ كسير وعائلة تعيش "أقسى ساعات الانتظار"، جاء حاملًا روحًا إيمانية عميقة، ترفع الراية البيضاء أمام شموخ القانون، وتستغيث بقيم الكرم، والشهامة، وسعة الصدر، التي تميز المجتمع اليمني منذ القدم.
وأكدت الأسرة، في بيان مؤثر، أنهم لا ينكلون عن احترام العدالة، ولا ينكرون حق أولياء الدم، لكنهم يطلبون "فرصة للحياة"، ويتوسلون بالله ثم بالبشر أن يُفتح "باب الرحمة"، وأن يُكتب لابنهم فرصة للتوبة، والعودة إلى رشده، والكفاح من جديد، بعد خطأ وقع فيه في لحظة ضعف قد يغفرها الله، بل وقد يغفرها الناس إن شاء الله.
وأشار البيان إلى حرمة الشهر الفضيل، شهر الرحمة والمغفرة، مستحضرين قول الله تعالى: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (آل عمران: 134)، مذكرين بأن العفو في مثل هذه الحالات ليس تنازلاً عن الحق، بل هو صدقة جارية، وأجر عظيم عند الله، ووسيلة لتقريب القلوب، وبناء مجتمعٍ تقوم فيه العدالة على أساس الحكمة والرحمة.
وأضافت الأسرة: "نحن لا نملك سوى الدعاء، ولا نملك سوى أن نطرق أبواب القلوب قبل أبواب المحاكم. نتوسل بكم باسم الإنسانية، باسم الشهر الكريم، باسم الأمهات البواكي، والأطفال الذين فقدوا سندهم، أن تعفوا عن ابننا، فالحياة لا تُعاد، ولكن الأخطاء يمكن أن تُصلح".
وأكدت أن القرار الأخير بيد أولياء الدم، وأنهم يقدرون تمامًا مرارة الفقد التي يعيشها أهل المجني عليه، ويعيشون معهم الألم، لكنهم يأملون أن تكون رحمة الله أوسع من الغضب، وأن يكون العفو طريقًا للشفاء، لا للمزيد من الألم.
ووجهت الأسرة رسالة مباشرة إلى والد المجني عليه قائلة: "يا أبا محمد، إنك اليوم بين خيارين: أن تنتقم، أو أن تتفضل، وأن ترتقي. فتاج العفو لا يلبسه إلا العظماء، ومن كان في قلب الله، كان في قلب الناس".
وفي ختام المناشدة، دعت الأسرة الله أن يلين القلوب، ويُلهِم الجميع الصبر والحكمة، وأن يجعل هذا الموقف فرصة لتعزيز قيم الصفح والعفو في المجتمع، لا مجرد تطبيق للحد دون تأمّل في روح الشريعة.
ويقبع الشاب عبدالله الحسني حاليًا في أحد السجون، فيما تنتظر عائلته بقلق بالغ قرار أولياء الدم، الذي سيحدد مصيره خلال الساعات القادمة. كل عين دامعة، وكل قلب يخفق بالرجاء، ينتظر كلمة واحدة: "نعفو".