الثلاثاء 29 يوليو 2025 05:48 صـ 4 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

مؤتمر حل الدولتين: خطوة تاريخية لوضع فلسطين بقلب السياسة الدولية

الإثنين 28 يوليو 2025 11:29 مـ 3 صفر 1447 هـ
مؤتمر حل الدولتين: خطوة تاريخية لوضع فلسطين بقلب السياسة الدولية

مؤتمر حلّ الدولتين الذي انطلق اليوم في مقرّ الأمم المتحدة بقيادة السعودية وفرنسا يُعتبر من أبرز التحركات الدبلوماسية الدولية في السنوات الأخيرة، لما يحمله من أبعاد سياسية واستراتيجية مرتبطة بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ومستقبل القضية الفلسطينية. يشارك في المؤتمر أكثر من 55 دولة، بينها نحو 40 وزير خارجية، بينما تغيب عنه الولايات المتحدة وإسرائيل، ما يضعه في موقع صريح يتحدى احتكار واشنطن لإدارة الملف الفلسطيني ويضغط باتجاه فرض مسار جديد لعملية السلام.

يقوم المؤتمر على أربع ركائز أساسية تشكّل خارطة طريق واضحة: أولها الدفع نحو اعتراف دولي أوسع بدولة فلسطين، بهدف تثبيت السلطة الفلسطينية كجهة سياسية شرعية، وفي الوقت نفسه عزل الحركات المسلحة . ثانيها طرح خطة إصلاح فلسطيني عميق ، وإجراء انتخابات عامة خلال عام، بالإضافة إلى السعي نحو كيان فلسطيني موحّد في الضفة وغزة. ثالثها اتاحة الفرصة لإحياء مسار علاقات مع إسرائيل لكن ضمن شروط صارمة ترتبط بالتقدم الفعلي نحو إقامة الدولة الفلسطينية. أما الركيزة الرابعة فهي بلورة اتفاق لوقف الحرب على غزة وإطلاق عملية إعادة الإعمار وفق إطار سياسي واضح يضمن عدم عودة دوامة العنف.

البعد السياسي للمؤتمر يتجاوز حدود فلسطين، إذ تسعى السعودية وفرنسا إلى إعادة ضبط التوازن في إدارة الملف الفلسطيني، بعد أن أظهرت الولايات المتحدة عجزها أو تردّدها في الضغط على إسرائيل. كما تسعى باريس من خلال اعترافها المرتقب بدولة فلسطين في سبتمبر القادم عندما يكون الرئيس ماكرون في الامم المتحدة تسعى إلى دفع دول أوروبية أخرى للالتحاق بمسار الاعتراف. ويُنظر إلى المؤتمر على أنه بداية لتحويل الدعم الدولي لفلسطين من مجرد بيانات سياسية إلى خطوات قانونية ملموسة عبر الأمم المتحدة، بما فيها محاولات دفع العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في المنظمة الدولية.

أما على صعيد حقوق الفلسطينيين، فإن المؤتمر يوفّر منصة قوية لدعم الاعتراف السياسي والدبلوماسي بفلسطين، ويفتح المجال أمام تخفيف الحصار على غزة، خصوصاً مع وجود بند واضح يتعلق بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وتهيئة أجواء إعادة الإعمار. لكن نجاح هذا المسار يظل مرهوناً بعوامل عديدة، أهمها تجاوب السلطة الفلسطينية مع شروط الإصلاح الجذرية، وقدرتها على فرض سيطرة فعلية على الأرض .

في المقابل، فإن غياب الولايات المتحدة وإسرائيل قد يقلص من الطموحات فيضع سقفاً محدوداً لنتائج المؤتمر، إذ لن يكون لأية مخرجات قوة تنفيذية دون دعم أو على الأقل موافقة واشنطن. ومع ذلك فإن مجرد انعقاد المؤتمر بهذا الزخم وتحت مظلة الأمم المتحدة وبدعم دولي واسع يشير إلى تحوّل مهم في النظرة العالمية إلى الصراع، وإلى أن الوقت قد حان لفرض ضغوط جماعية على إسرائيل لإنهاء سياسات الاحتلال والتوسع، والعودة إلى مسار سياسي جدي يقوم على حل الدولتين.

يمكن القول إن المؤتمر يشكّل محاولة جريئة لإعادة وضع القضية الفلسطينية على الطاولة الدولية بجدية، ويهدف إلى خلق مسار سياسي جديد بعيداً عن الحسابات التقليدية التي عطّلت الحلول لعقود. خاصة بعد ان وصل عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين حتى اليوم إلى 140 دولة .