الأحد 10 أغسطس 2025 11:18 مـ 16 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

إغلاق مطعم ”جالكسي” الشهير في صنعاء يُجسّد مأساة المستثمرين تحت وطأة الابتزاز الحوثي

الإثنين 11 أغسطس 2025 12:14 صـ 17 صفر 1447 هـ
المطعم
المطعم

أُغلق مطعم "جالكسي"، أحد أبرز المعالم السياحية والتجارية في العاصمة صنعاء، أبوابه نهائياً، في خطوة أثارت صدمة واسعة بين المواطنين ورجال الأعمال، وسط مخاوف من تداعياتها السلبية على قطاع الخدمات السياحية والاستثماري في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي.

ويمثل إغلاق هذا المشروع الضخم، الذي تجاوزت تكلفته بنائه وأثاثه مليار ريال يمني، ضربة قوية للاقتصاد المحلي، ويشير إلى تفاقم الأزمة التي يعيشها المستثمرون في ظل الممارسات القمعية والجبايات غير القانونية التي تفرضها الجماعة الانقلابية بحق المنشآت التجارية.

ويُعد "جالكسي" من المشاريع السياحية الرائدة في صنعاء، إذ تم تأسيسه وفق معايير عصرية تجمع بين الفخامة والراحة، ويتألف من ثلاثة طوابق متكاملة الخدمات، تشمل صالات راقية لكبار الشخصيات، وقاعة اجتماعات مجهزة بأحدث التقنيات، وقاعة احتفالات واسعة تُستخدم لتنظيم المناسبات العائلية والرسمية، إلى جانب جناح مخصص للعائلات، ومنطقة ألعاب مخصصة للأطفال، ما جعله وجهة مفضلة لرجال الأعمال والزوار وال والعوائل على حد سواء.

وأكد مالك المطعم، في تصريحات خاصة، أن القرار الصعب بإغلاق المشروع جاء بعد سنوات من المعاناة مع المطالب المالية التعسفية التي فُرضت عليه من قبل جهات تابعة للمليشيات الحوثية، دون أي غطاء قانوني أو مقابل خدمات حكومية فعلية. وأشار إلى أن هذه الجبايات المفروضة بالقوة، والتي تتكرر بشكل دوري، بلغت مستويات تفوق القدرة على التحمل، ما جعل استمرار النشاط التجاري أمراً مستحيلاً، رغم النجاح الكبير الذي حققه المشروع على صعيد الجودة والخدمة، ورغم امتلاكه لقاعدة جماهيرية واسعة.

وأوضح أن "جالكسي" لم يكن مجرد مشروع تجاري، بل كان رمزاً للإبداع اليمني، ونموذجاً يُحتذى به في تقديم خدمات سياحية متميزة في ظل ظروف اقتصادية بالغة التعقيد، جراء الحرب والتدهور المالي، لكن "الابتزاز المستمر من قبل الجماعة حوّل النجاح إلى خسارة، والطموح إلى إغلاق".

ويُنظر إلى إغلاق "جالكسي" كمؤشر خطير على تدهور بيئة الاستثمار في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تُسجّل مؤشرات هروب رؤوس الأموال وتوقف المشاريع الاقتصادية تزايداً ملحوظاً، في ظل غياب أي حماية قانونية للمستثمرين، وانتشار ما يُعرف بـ"الجبايات الثورية" التي تفرضها المليشيات تحت مسميات وهمية، وتُستخدم كأداة لتمويل نشاطها العسكري والأمني.

ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار هذه الممارسات يهدد بانهيار كامل للبنية الاقتصادية في صنعاء، ويدفع بالكثير من رجال الأعمال إلى نقل أنشطتهم إلى مناطق خارج سيطرة الجماعة، أو إلى التوقف التام عن الاستثمار، ما يفاقم الأزمة المعيشية ويزيد من معدلات البطالة والفقر.

وأشار مراقبون إلى أن إغلاق "جالكسي" ليس حالة معزولة، بل يأتي ضمن سلسلة من إغلاقات مماثلة لمشاريع تجارية وصناعية كبرى في صنعاء وحجة وصعدة وغيرها، كان آخرها شركات في قطاع الاتصالات، ومصانع مواد البناء، ومطاعم وفنادق، جراء الضغوط المالية والسياسية.

ويُحذر مختصون من أن استمرار سياسة الإفقار والابتزاز الاقتصادي قد يؤدي إلى تفريغ العاصمة صنعاء من محتواها الاقتصادي والاجتماعي، وتحويلها إلى مدينة شبه خالية من الأنشطة الحيوية، في وقت يُفترض أن تُبذل فيه الجهود لإعادة إحياء الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار.

وفي الوقت الذي يترقب فيه الرأي العام اليمني موقف الجهات المعنية من هذه التطورات، تبقى قضية "جالكسي" نموذجاً صارخاً لما آلت إليه حال المستثمرين في ظل حكم المليشيات، حيث يتحول النجاح إلى عبء، والابتكار إلى خطر، والطموح إلى خسارة.

موضوعات متعلقة