انفجار مدوٍّ يُحول حياة أسرة كاملة إلى ركام: هل تُستَمرّ المأساة في الجوف؟

في لحظة واحدة، تحولت طريقة بسيطة للتنقل إلى مأساة إنسانية لا تُوصف. لم تكن عائلة محمد قريعان تسعى إلى الخطر… بل كانت تبحث عن الأمان. لكن في منطقة الصديهات، شرقي محافظة الجوف، ابتُليت بكارثة وصفها شهود عيان بأنها "كأن الأرض نفسها استيقظت لتقتل".
216.73.216.45
انفجار هائل هزّ المنطقة صباح يوم الخميس، فجّر سيارة عائلية صغيرة تضم سبعة أفراد — بينهم أربعة أطفال وامرأة مسنة — وتحويلها إلى أشلاء. لم يكن هناك وقت للصراخ، ولا حتى للتأمل. فقط صرخة مدوية، ثم صمتٌ مريب.
الحادث لم يُبقِ أحدًا سالمًا. الأب محمد قريعان، وزوجته، وأطفاله الثلاثة (بينهم طفلة عمرها 6 سنوات)، إضافة إلى الجدة المسنة التي كانت تُعاني من مشاكل صحية مزمنة، نُقلوا جميعًا إلى مستشفى الجوف المركزي في حالة حرجة، حيث يخضعون الآن لرعاية مكثفة في العناية المركزة.
من مخيم النازحين إلى فخ الألغام: كيف أصبحت الطُرقات "ملاذًا" للموت؟
ما زاد من وطأة الكارثة هو موقع الحدث: على بعد أقل من 10 أمتار من مخيم للنازحين يضم أكثر من 536 أسرة، هربت من قمع الميليشيات الحوثية في مناطق متعددة بالمحافظة. كان هذا المكان يُنظر إليه على أنه "ملاذ آمن"، لكن الواقع كشف أن الأمان ليس مضمونًا حتى داخل حدود المخيمات.
الانفجار ليس مجرد واقعة عابرة. بل جزء من سلسلة طويلة من التفجيرات التي تُسجل شهريًا في الجوف، وفق بيانات منظمة "التحالف الدولي لنزع الألغام" (IMAC) التي أفادت بأن أكثر من 420 حالة إصابة بألغام حوثية تم تسجيلها في المحافظة فقط خلال العام الماضي — معظمها من المدنيين، خاصة الأطفال.
الألغام الحوثية: سلاح ممنوع، وواقع مُجرم
ما يُثير القلق الأكبر هو أن هذه الألغام ليست من نوع "متطورة"، بل من تصنيع يدوي، وبسيط، لكنه مميت. وتنتشر بشكل عشوائي في:
- الطرقات الرئيسية والفرعية
- الحقول الزراعية
- مقابر مفتوحة
- حتى أمام مدارس ومراكز صحية
السبب؟ استخدام مليشيات الحوثي لأكثر من 7000 لغم أرضي موزع على مساحات شاسعة في الجوف والحدود الشمالية، وفق تقارير الأمم المتحدة لعام 2024، التي وصفت الوضع بأنه "كارثة إنسانية مُتزايدة".
والأكثر إدانة: عدم وجود خريطة دقيقة للأراضي المفخخة، ما يجعل عملية نزع الألغام بطيئة، وتحتاج إلى عشرات السنين لإنجازها.