الجمعة 5 سبتمبر 2025 12:53 صـ 13 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

مقرب من المليشيات الحوثية يحذر من استغلالهم للمناسبات الدينية لترسيخ ”النقاء السلالي”

الجمعة 5 سبتمبر 2025 01:44 صـ 13 ربيع أول 1447 هـ
احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي
احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي

في ظل تطلع شعبي واسع نحو استعادة الأصالة الروحية والمعاني الإنسانية للمناسبات الدينية، أطلق السياسي والسفير اليمني السابق والمقرب من الحوثيين نايف القانص صرخة تحذيرية من تحوّل هذه المناسبات إلى أدوات سياسية ومذهبية تهدد وحدة المجتمع واستقراره.

216.73.216.36

وفي مقال رأي حاد نشره على منصة "إكس" تحت عنوان "سلالة النقاء.. من الأسطورة إلى الواقع اليمني"، وجه القانص انتقادات لاذعة لجماعة الحوثي، مؤكدًا أن ما تسميه "الاحتفالات الدينية" ما هو إلا غطاء لمشروع أيديولوجي خطير يستهدف إعادة بناء الهوية على أساس النسب والانتماء السلالي، بدلًا من العدل والمساواة.

وأوضح القانص أن جماعة الحوثي، منذ سيطرتها على مفاصل الدولة في صنعاء، لم تكتفِ بفرض سلطة عسكرية، بل سعت إلى توظيف الرموز الدينية، وخاصة ذكرى المولد النبوي، كأداة لتبرير هيمنتها وترسيخ فكرة "النقاء السلالي"، التي تزعم من خلالها التفوق الروحي والسياسي بناءً على الانتساب إلى أهل البيت النبوي.

ووصف هذا المفهوم بأنه "أسطورة دينية تم تسييسها"، مشيرًا إلى أن هذا الخطاب، وإن بدا دينيًا في شكله، فإنه في جوهره يخدم أجندة تفرقة المجتمع وتقسيمه إلى "أولياء" و"دوم"، "أصلاء" و"غير أصليين"، في تكرار خطير لأنماط التمييز التي عرفها التاريخ الإسلامي.

وأكد القانص أن هذا التوظيف الممنهج للمناسبات الدينية لم يعد مجرد خطاب دعائي، بل تحول إلى سياسة مؤسسية، حيث تم توجيه موارد الدولة – من ميزانيات ومؤسسات إعلامية وتعليمية – لخدمة هذا المشروع.

ولفت إلى أن الاحتفالات الضخمة بالمولد النبوي، والتي تُنفق عليها ملايين الدولارات، أصبحت أكثر من مجرد تعبير ديني، بل صارت "استعراضًا أيديولوجيًا" يُستخدم لتعزيز صورة "السلالة المقدسة" وتكريس هيمنة فئة على حساب باقي مكونات المجتمع.

وأشار إلى أن هذا التضخيم الخطابي أثار ردود فعل سلبية عميقة في أوساط واسعة من اليمنيين، خاصة من الشباب والمثقفين، الذين باتوا ينظرون إلى الدين بعين الشك والريبة جراء ما وصفه بـ"استغلال المقدس وتسييس المعتقدات".

ولفت إلى أن كثيرًا من الشباب بدأوا بإعادة النظر في علاقتهم بالدين، فيما انسحب آخرون تمامًا من الانتماء الديني، معتبرين أن ما يجري هو تشويه للإسلام وسيرة النبي محمد ﷺ وأهل بيته، الذين دعوا إلى التآلف والعدل، لا إلى التفرقة والتمييز.

وأضاف القانص أن خطورة هذا التوجه لا تنحصر في التأثير على الوعي الديني فقط، بل تمتد إلى تغذية انقسامات مذهبية ومناطقية عميقة، تهدد النسيج الاجتماعي بالانهيار. وحذر من أن تفشي خطاب "النقاء السلالي" قد يفتح الباب أمام تصاعد التيارات المضادة، لا سيما السنية، مما يزيد من حدة الصراع ويدفع البلاد نحو دوامة جديدة من التوترات الطائفية.

وأكد أن التطرف المذهبي، مهما كان مصدره، لا يمكن أن يكون حلاً لأي أزمة، بل هو "مصدر الكراهية والفرقة"، مشددًا على أن ما تفعله الجماعات المتطرفة باسم الدين هو "إهانة للدين نفسه، وللنبي الكريم، ولأصحابه وذريته". ودعا إلى وقفة وطنية جادة للتفكير في حجم الأذى الذي ألحقته هذه العقليات بالمجتمع اليمني، ليس فقط على الصعيد السياسي، بل على مستوى القيم والهوية.

وفي ختام مقاله، دعا القانص إلى مراجعة شاملة وصادقة للخطاب الديني والمذهبي في اليمن، واصفًا هذه المراجعة بأنها "ضرورة وطنية وأخلاقية".

وقال: "إذا كنا نريد حقًا أن نبني يمنًا موحدًا، عادلًا، مستقرًا، فعلينا أن نحمي ديننا من الاستغلال، ونعيد للمقدسات روحها الحقيقية، ونرفض كل محاولة لتحويل النسب إلى سلطة، أو الدين إلى أداة للتمييز."

وأضاف: "الوحدة الوطنية لا تُبنى على أساس الدم أو النسب، بل على العدل، والمواطنة، والاحترام المتبادل. وحين نستعيد هذه القيم، فقط حينها يمكن لليمن أن يخرج من دوامة الحروب، ويعيد بناء ذاته على أسس إنسانية وحضارية."