“ثلاجة الموتى تتعفن بصنعاء… وهذه ليست نهاية الكارثة!”

وسط أزمة كهربائية متفاقمة تضرب العاصمة اليمنية صنعاء، يقف مستشفى الكويت الجامعي – أحد أكبر وأهم المرافق الطبية في اليمن – على حافة الهاوية، حيث يواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة قد تودي بحياة عشرات المرضى، وتُفقد المستشفى قدرته على تقديم أدنى الخدمات الطبية الأساسية.
انهيار شبه كامل للخدمات الحيوية
216.73.216.105
كشفت مصادر طبية عن تدهور كارثي في الأوضاع داخل المستشفى، مشيرين إلى أن الانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي خلال الأيام الماضية أدى إلى تعطيل أقسام حساسة وحيوية، منها العناية المركزة، وحضانات الأطفال الخدج، وأقسام الطوارئ، والمختبرات، وبنك الدم، وغرف العمليات.
وأكدت المصادر أن المستشفى، الذي يستقبل يوميًا عشرات الحالات الحرجة من مختلف محافظات اليمن، بات عاجزًا عن تقديم العلاج المناسب، وأن الأطباء والممرضين يكافحون بوسائل بدائية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل غياب كامل للطاقة الكهربائية التي تعد شريان الحياة لأجهزة التنفس، وأجهزة مراقبة القلب، ومبردات الأدوية والمحاليل، وأنظمة التعقيم.
انبعاث روائح كريهة من ثلاجة الموتى.. مؤشر على كارثة بيئية
في مشهد يجسد مدى الانهيار، أفاد مواطنون مقيمون بالقرب من المستشفى بأنهم بدأوا يشمون روائح كريهة منبعثة من مبنى ثلاجة الموتى، ما يشير إلى تعفن الجثث نتيجة توقف أجهزة التبريد، وهو ما ينذر بكارثة صحية وبيئية قد تتجاوز جدران المستشفى إلى الأحياء المجاورة، في ظل غياب أي تدخل عاجل من الجهات المعنية.
أزمة وقود ومولدات معطلة.. والإهمال يفاقم المأساة
رغم اعتماد المستشفى جزئيًا على محطة حزيز لتوليد الكهرباء – والتي تتعرض لغارات جوية متكررة – فإن المشكلة الأكبر تكمن في الإهمال الداخلي. إذ أفادت المصادر أن المولدات الاحتياطية الخاصة بالمستشفى تعاني من إهمال صارخ في الصيانة، وأن بعضها تعطل نهائيًا، فيما بقي مولد واحد فقط قيد العمل، لكنه توقف هو الآخر قبل أكثر من أسبوع بسبب نفاد الوقود.
والمثير للصدمة، أن سلطات مليشيا الحوثي – التي تدير المرافق العامة في صنعاء – لم تزود المستشفى بأي كميات من الوقود رغم المناشدات المتكررة، مما أدى إلى توقف المولد الوحيد، وانهيار كامل للخدمات الطبية.
اتهامات متبادلة.. والمرضى ضحية الصراع
في محاولة لتبرير الأزمة، تروج مليشيا الحوثي لرواية تُحمّل الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة مسؤولية استهداف محطات الكهرباء والوقود، لكن مصادر مطلعة تؤكد أن هذا التبرير لا يغطي حقيقة الإهمال المتعمد، وتتهم إدارة المستشفى والجهات التابعة للمليشيا بعدم تحمل المسؤولية، وترك المرضى – خاصة الأطفال والنساء وكبار السن – يواجهون مصيرًا مجهولًا دون أدنى رعاية.
وقال أحد الأطباء – الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية الانتقام –: "نحن نعمل في ظروف لا يمكن تصورها. أطفال في الحضانات يموتون بصمت، ومريضات بعد العمليات ينزفن دون أجهزة مراقبة، ومختبرات تُفقد فيها عينات الدم والمحاليل بسبب توقف الثلاجات. هذا ليس انهيارًا، هذا إعدام بطيء."
تحذيرات من كارثة شاملة
مع استمرار هذا الوضع، تزداد التحذيرات من منظمات طبية محلية ودولية من كارثة صحية شاملة قد تطال مئات المرضى، لا سيما في أقسام العناية المركزة وحضانات الأطفال، حيث يعتمد بقاؤهم على أجهزة كهربائية تعمل دون انقطاع.
كما أن تلف مخزون الدم والمحاليل المخبرية يهدد بإيقاف عمليات التشخيص والعلاج، ما قد يؤدي إلى وفيات جماعية غير معلنة، في حين أن انهيار نظام التبريد في ثلاجة الموتى يشكل خطرًا وبائيًا حقيقيًا قد يتفشى في الأحياء المحيطة.
نداءات استغاثة بلا مجيب
رغم النداءات المتكررة من داخل المستشفى ومن منظمات إنسانية، لم تُتخذ أي إجراءات عاجلة لإنقاذ الوضع. ويبقى السؤال الأكبر: إلى متى سيُترك المرضى فريسة للإهمال والصراعات السياسية؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه الكارثة الإنسانية التي تُحاك في صمت؟
هذا التقرير يعكس واقعًا إنسانيًا صادمًا يتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، قبل فوات الأوان، وتحول المستشفى من مكان للشفاء إلى مقبرة جماعية صامتة.