الإثنين 15 سبتمبر 2025 11:28 مـ 23 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”هذا ما حملوه بدل الحقائب... مشهد في عدن سيجعلك تبكي قبل أن تنهي السطر!”

الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 12:28 صـ 24 ربيع أول 1447 هـ
الطلاب
الطلاب

في مشهد مؤلم يعكس واقعًا معيشيًا وتعليميًا متردٍ، افتتحت المدارس في العاصمة المؤقتة عدن أبوابها مع بداية العام الدراسي الجديد، ليواجه الطلاب وأهاليهم واقعًا قاسيًا يفرض عليهم التكيف مع نقص حاد في المستلزمات الأساسية، أبرزها الحقائب المدرسية، التي اضطر العديد من التلاميذ إلى استبدالها بأكياس بلاستيكية أو أكياس قماشية بسيطة، أو حتى حمل الكتب والدفاتر بأيديهم.

216.73.216.105

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشوارع صورٌ ومقاطع فيديو لطلاب صغار يحملون كتبهم في أكياس تسوق أو حقائب ممزقة، في مشهد أثار موجة من التعاطف والاستياء في آنٍ واحد، وأعاد تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تعيشها المدينة، والتي طال أمدها بسبب تراكم الأزمات وتوقف صرف المرتبات لموظفي الدولة منذ سنوات، وارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية، بما فيها المستلزمات المدرسية.

الأهالي: تقاعس حكومي وتهميش للتعليم

ويحمل الأهالي المسؤولية للسلطات المحلية والجهات المعنية بالتعليم، معتبرين أن غياب التخطيط الحكومي وتقصير الجهات المسؤولة عن توفير الحد الأدنى من مستلزمات العام الدراسي، يُعد إهمالًا صارخًا لحقوق الطلاب ومستقبلهم.

ويقول "أحمد علي"، وهو أب لثلاثة أطفال في مراحل دراسية مختلفة: "كيف نطلب من طفله أن يركز في دراسته وهو يحمل كتبه في كيس بلاستيك؟ هذا يهين كرامته ويؤثر على نفسيته قبل أن يؤثر على تحصيله".

ويضيف: "الحقائب المدرسية الجيدة أصبحت تكلف ما يعادل نصف راتب موظف حكومي – إن وُجد – والبدائل الرخيصة غير متوفرة أو غير ملائمة، فماذا نفعل؟ نشتري الطعام أم الحقائب؟".

انعكاسات نفسية وتعليمية

وبحسب مختصين تربويين، فإن مثل هذه الظروف لا تؤثر فقط على الجانب المادي، بل تمتد آثارها إلى الجانب النفسي والاجتماعي للطلاب، حيث يشعر الكثيرون بالخجل أو التمييز داخل الفصول الدراسية، ما قد يؤدي إلى انخفاض الدافعية للتعلم، وزيادة معدلات التسرب المدرسي، خاصة في المراحل الأولى التي تتشكل فيها شخصية الطفل وحبه للتعليم.

غياب الدعم الرسمي والمبادرات المجتمعية

رغم الحملات المجتمعية والمبادرات الفردية التي أطلقتها بعض الجمعيات والناشطين لتوزيع حقائب ومستلزمات مدرسية على الطلاب المحتاجين، إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة ولا تغطي سوى نسبة ضئيلة من الاحتياج الحقيقي، في ظل غياب تام لخطة حكومية شاملة أو برامج دعم من وزارة التربية والتعليم أو الحكومة المحلية.

ويطالب ناشطون ومنظمات مجتمع مدني بإعلان حالة طوارئ تعليمية في عدن، ودعوة الجهات المانحة والمنظمات الدولية إلى التدخل العاجل لدعم قطاع التعليم، وتوفير مستلزمات أساسية للطلاب، خاصة في ظل تزايد أعداد الأسر الفقيرة والنازحة التي تعاني من أوضاع إنسانية مزرية.

خاتمة: التعليم على المحك

بينما تدق أجراس المدارس إيذانًا ببدء عام دراسي جديد، يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن للتعليم أن ينهض في ظل انهيار الاقتصاد، وغياب الدولة، وتجاهل أبسط حقوق الطلاب؟ مشهد الحقائب البلاستيكية في شوارع عدن ليس مجرد صورة عابرة، بل هو ناقوس خطر يدق بقوة، ينبه إلى أن مستقبل جيل بأكمله على المحك، وأن الاستثمار في التعليم لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لا تحتمل التأجيل.