خطة ترامب ونتنياهو لغزة.. بين وعود السلام وفخ الإملاءات السياسية

أعلن البيت الأبيض عن خطة سلام من عشرين بنداً بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حملت وعوداً بوقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة وفتح صفحة جديدة في الأزمة الفلسطينية والإسرائيلية، لكنها في العمق ليست مجرد اتفاق إنساني بل مشروع سياسي يحمل شروطاً قد تؤثر على مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، وتعيد تشكيل الواقع على الأرض وفق مصالح استراتيجية محددة.
خطة ترامب ونتنياهو لغزة
216.73.216.22
تقدم الخطة نفسها كبادرة لإنهاء الأزمة، وتشمل عدة نقاط رئيسية، أبرزها وقف فوري لإطلاق النار، تبادل الأسرى، انسحاب جزئي لإسرائيل، وإعادة إعمار غزة تحت إشراف مجلس دولي لكن هذه البنود ليست مطلقة، فهي مرتبطة بشروط مسبقة تجعل من تحقيق السلام اختباراً لقبول الفلسطينيين بخيارات سياسية محددة.
الشروط والأبعاد الخفية للخطة
من المهم إدراك أن الخطة ليست مجرد حزمة مساعدات أو اتفاق عابر، بل وثيقة سياسية ذات أبعاد استراتيجية وفيما يلي أهم الشروط والخطوط العريضة للخطة:
-
وقف النار مشروط: الاتفاق على هدنة إنسانية مرتبط بالتزام الفلسطينيين بشروط سياسية وأمنية محددة، ما يحوّل الهدنة إلى اختبار لا اتفاق دائم.
-
نزع السلاح: يشترط على حماس تسليم كامل أسلحتها تحت إشراف دولي، بينما لا توجد آلية مماثلة لنزع سلاح الاحتلال، ما يحول السلام إلى حالة خضوع وليس توازن.
-
تبادل الأسرى: يقدّم على أنه خطوة إنسانية، لكنه يرسّخ تكافؤاً زائفاً بين الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، في سياق يفتقر إلى العدالة.
-
إعادة الإعمار المشروطة: إعادة إعمار غزة مرتبطة بقبول الشروط السياسية، ما يجعلها أداة ضغط بدل أن تكون دعماً إنسانياً.
-
إدارة دولية لغزة: تشكيل مجلس دولي لإدارة غزة يمثل وصاية جديدة على القطاع، قد تؤدي إلى تقسيم إداري يضعف المشروع الوطني الفلسطيني ويبعد تحقيق السيادة.
مقايضة الحقوق بالمساعدات
الخطة تربط المساعدات الإنسانية بالموافقة على شروط سياسية محددة، وهو نمط متكرر تاريخياً في الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، هذه المقايضة تعني أن الإغاثة الإنسانية تتحول إلى أداة ابتزاز، ما يضع حقوق الفلسطينيين في مواجهة شروط سياسية وأمنية تجعل السلام مرهوناً بالخضوع وليس بالعدالة، وإن إشراف مجلس دولي على إدارة غزة يمثل خطوة غير مسبوقة، إذ ينطوي على فرض وصاية طويلة الأمد تحت غطاء إدارة إنسانية، ما يهدد وحدة الأرض والشعب، ويحوّل المرحلة الانتقالية إلى واقع دائم.
خطة ترامب ونتنياهو ليست مجرد اتفاق مؤقت لإيقاف النار، بل مشروع طويل الأمد يهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الفلسطيني، وربط حقوق الفلسطينيين بشروط سياسية وأمنية، وقراءة متأنية لبنود الخطة تكشف أن ما يُقدم اليوم ليس خطوة سلام إنما فخ سياسي ضمن مسار إستراتيجي لإعادة صياغة القضية الفلسطينية.