الأربعاء 8 أكتوبر 2025 11:34 صـ 16 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

دراسة كندية.. تحليل الشعر والدم قد يساعد في التنبؤ بالمشكلات النفسية لدى الأطفال

الأربعاء 8 أكتوبر 2025 12:54 مـ 16 ربيع آخر 1447 هـ
دراسة كندية: تحليل الشعر والدم قد يساعد في التنبؤ بالمشكلات النفسية
دراسة كندية: تحليل الشعر والدم قد يساعد في التنبؤ بالمشكلات النفسية

في تطور علمي قد يُحدث نقلة نوعية في تشخيص الاضطرابات النفسية لدى الأطفال، كشفت دراسة كندية حديثة أن تحليل عينات الشعر والدم يمكن أن يكشف عن مؤشرات بيولوجية تساعد في التنبؤ بمستويات القلق والتوتر والاكتئاب، خاصة لدى الأطفال المصابين بأمراض مزمنة.

216.73.216.81

الدراسة نُشرت في مجلة Stress and Health، وأجراها فريق بحثي من جامعة واترلو، وتُعد من أوائل الدراسات التي تربط بين الهرمونات والالتهابات ومشكلات الصحة النفسية عند الأطفال بطريقة طويلة الأمد ودقيقة.

الكورتيزول في الشعر: مرآة التوتر المزمن

تابع الباحثون 244 طفلًا يعانون من أمراض مزمنة مثل الربو، السكري، والتهابات المفاصل، على مدى 4 سنوات كاملة. تم تحليل مستويات هرمون الكورتيزول في الشعر، الذي يُعرف بهرمون التوتر، والذي يتراكم في الشعر بشكل تدريجي، مما يتيح تتبع مستويات التوتر المزمن بدقة.

النتائج كانت لافتة:

  • أكثر من ثلثي الأطفال أظهروا مستويات مرتفعة من الكورتيزول.

  • الأطفال ذوو الكورتيزول المرتفع كانوا أكثر عرضة للاكتئاب والقلق واضطرابات سلوكية.

  • في المقابل، الأطفال الذين سجلوا مستويات منخفضة من الكورتيزول كانوا أقل عرضة للمشكلات النفسية.

تقول إيما ليتلر، الباحثة الرئيسية في الدراسة:

"العيش مع مرض مزمن يمثل ضغطًا نفسيًا متواصلًا للأطفال. من تناول الدواء، إلى الغياب عن الأنشطة اليومية — جميعها عوامل تترك أثرًا نفسيًا عميقًا. تحليل الشعر يمكن أن يساعد الأطباء في اكتشاف الحالات التي تحتاج إلى تدخل مبكر".

اختبارات الدم تكشف العلاقة بين المناعة والمزاج

ضمن مشروع بحثي مكمل بعنوان MY LIFE، تم تحليل عينات دم من 128 طفلًا لاكتشاف مستويات السيتوكينات، وهي بروتينات تشير إلى حالة الجهاز المناعي.

أبرز النتائج:

  • ارتفاع عامل G-CSF ارتبط بزيادة القلق والاكتئاب.

  • ارتفاع عامل GM-CSF ارتبط بزيادة العدوانية وفرط النشاط.

  • المثير للاهتمام أن ارتفاع الإنترلوكين-6 (IL-6)، رغم كونه مؤشرًا للالتهاب، ارتبط بانخفاض الأعراض النفسية والسلوكية، مما يشير إلى دور محتمل وقائي لبعض أنواع الالتهابات.

يشير الدكتور مارك فيرو، الأستاذ المشارك في الدراستين، إلى أهمية هذه النتائج قائلاً:

"قد تبدو العلاقة بين الجسد والعقل معقدة، لكن هذه المؤشرات البيولوجية قد تسهم في تقديم أدوات دقيقة وسهلة لتشخيص ومعالجة الحالات النفسية لدى الأطفال".

اختلاف الأعراض بين الأطفال والآباء

أظهرت البيانات أن الأطفال أنفسهم أبلغوا عن مستويات مرتفعة من الأعراض النفسية مثل الحزن والقلق في بداية الدراسة، بينما جاءت تقارير الآباء أقل حدّة. الملفت أن هذه الأعراض استمرت بشكل مستقر طوال فترة الدراسة، دون تغير كبير بمرور الوقت.

والأهم أن نوع المرض المزمن لم يكن هو العامل الحاسم، بل مجرد وجود مرض مزمن — أيًّا كان نوعه — هو ما زاد احتمالية ظهور مشاكل نفسية وعاطفية.

خطوات نحو مستقبل أفضل: هل نُشخّص الاضطرابات النفسية بتحليل الشعر والدم؟

التطبيقات المحتملة للدراسات:

  • تطوير اختبارات مبكرة تعتمد على الشعر أو الدم للتنبؤ بالمشكلات النفسية.

  • تحديد الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل الأطفال المصابين بأمراض مزمنة.

  • تقديم تدخل نفسي مبكر قبل تفاقم الأعراض أو تطورها إلى حالات أكثر تعقيدًا.

لكن رغم النتائج الواعدة، شدد الباحثون على أن هناك حاجة إلى دراسات أوسع لتأكيد فعالية هذه المؤشرات، خاصة أن بعض القيود مثل قلة البيانات أو التنوع الجيني قد تؤثر على النتائج النهائية.

هل نحن على أعتاب ثورة في الطب النفسي للأطفال؟

إذا أثبتت هذه النتائج نجاحها في تجارب لاحقة، فقد نشهد مستقبلًا طبيًا جديدًا حيث يمكن عبر خصلة شعر أو قطرة دم التنبؤ بالحالة النفسية للطفل، وبالتالي منع الاضطرابات قبل ظهورها.

هذه الدراسات تقدم بارقة أمل لعائلات الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة، وتضع حجر الأساس نحو طب نفسي وقائي، يعتمد على العلم وليس فقط الأعراض.