طعنة غادرة وموجعة تنهي أحلام ” الانتقالي” بدولة جنوبية مستقلة

مضت أكثر من عشر سنوات منذ أن شكل " عيدروس الزبيدي" المجلس الانتقالي الجنوبي ووعد أبناء المحافظات الجنوبية بدولة جنوبية مستقلة تحقق لهم العيش الرغيد وتوفر كل سبل الحياة الكريمة، ولكن كل تلك الوعود لم يتحقق منها شيء، فكان قادة الانتقالي والناشطين والإعلاميين الموالين للمجلس ييبذلون جهود جبارة لاقناع الجنوبيين بأن هناك ظروف قاهرة وخارجة عن إرادتهم، وكذلك عقبات محلية وإقليمية ودولية تحول دون تحقيق هذا الهدف، حتى دولة الإمارات العربية المتحدة، الحليف الأقوى للمجلس الإنتقالي تؤكد في كل مواقفها الرسمية والإعلامية إنها مع يمن مستقر وموحد.
الغالبية الساحقة من أبناء المحافظات الجنوبية ربما يتفهمون عدم قدرة المجلس الانتقالي وقياداته عن تحقيق الانفصال وبناء دولة مستقلة، لكنهم لا يغفرون ابدا تجاهل قيادات المجلس لمعاناتهم القاسية وظروفهم المعيشية القاهرة التي يعاني منها كل البسطاء من أبناء المحافظات الجنوبية، فهي أمور تقهرهم وتحرق قلوبهم ولا يمكن غفرانها أو التسامح فيها.
فكل أبناء المحافظات الجنوبية يتسألون لماذا لا يلتفت قادة المجلس الانتقالي لمعاناتهم، لماذا لا تتوفر لهم أبسط الأشياء التي لا يمكن العيش بدونها، مثل الراتب والماء والكهرباء، وما يزيدهم قهرا وكمدا وألما ان تلك القيادات يرفلون بالنعيم ويعيشون حياة مترفة ورغيدة هم وكل أفراد عائلاتهم، في الفنادق والقصور ولديهم من الأموال والامكانيات التي لو تم جمعها وتوزيعها بطريقة عادلة فإنها ستمنح الجنوبيين الحياة الكريمة في أدنى متطلباتها.
أمر آخر يغضب كل ابناء الجنوب ويثير سخطهم وقهرهم، ويحرق قلوبهم وهو أن قيادات المجلس لم توفر للجنوبيين في مدينة عدن أو في بقية المحافظات الأمن والأمان والطمأنينة والسكينة، فالجميع يعيشون في خوف ورعب وهلع، ليس فقط على أموالهم وأراضيهم وممتلكاتهم، بل يشعرون بالخوف على حياتهم من الغدر والخطف والقتل أيضا، فقيادات الانتقالي تركت بلاطجة يديرون حياة الناس، وبدلا من توفير الأمن وحماية المواطنين من المجرمين والعصابات، أصبحوا هم أنفسهم من يمارس كل أنواع الجرائم والبلطجة فيسرقون الأموال والأراضي، ويزجون بالأبرياء في غياهيب السجون دون ذنب أو جريمة اقترفوها، وإنما ذنبهم الوحيد هو المطالبة بحقوقهم، كل هذا يحدث ولا تحرك قيادات الانتقالي ساكنا، فلم تعاقب أو تعزل أي شخص من منصبه، بل تركتهم يفعلون ما يريدون.
الضربة القوية التي هزت أركان المجلس الانتقالي وكل قيادته، كانت مفاجأة ومزلزلة، وجاءت من جهة لم يتوقعها لا " عيدروس الزبيدي" ولا أي قيادي في المجلس، فقد وقع اختيار "الزبيدي" على محافظة الضالع لإقامة الإحتفال بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، معتقدا إنها أكثر محافظة يوجد فيها حاضنة شعبية للمجلس الانتقالي، كيف لا وهي المحافظة التي ينتمي إليها، لكنه شعر بصدمة كبيرة بعد أن تعرض لمفاجأة مدوية وغير سارة لم يحسب لها حساب، دفعته للهروب، فكانت تلك ضربة موجعة وربما تكون القاضية، ليس فقط لإنهاء حلم إقامة الدولة الجنوبية، بل ربما تزيح المجلس الانتقالي من المشهد الجنوبي.
إذ رفض أبناء محافظة الضالع تواجده، وطالبت الجماهير المحتشدة برحيله، وتحولت الفعالية الجماهيرية التي نظمها المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مشهد احتجاجي صاخب، وقوبل رئيس المجلس عيدروس الزبيدي بهتافات تطالب برحيله، وردد المحتجون شعارات مناهضة للزبيدي وقيادات المجلس، من بينها "برّع يا سرق برّع"، ما اضطر الزبيدي إلى مغادرة المكان تحت ضغط الجماهير.
محافظة حضرموت التي تعد أهم المحافظات اليمنية، هي أيضا شهدت استعراض للقوة العسكرية الضاربة، وظهر أبناء حضرموت وشبابها كقوة جبارة تجوب المدن الحضرمية، وتبعث برسالة قوية لقادة المجلس الانتقالي مفادها إن حضرموت ليست بحاجة لحماية من أحد، وأن أبناء المحافظة مستعدون للتضحية بأجسادهم وأرواحهم لحماية كل ابناء المحافظة ومنع اللصوص من نهب خيراتها، فتلك الخيرات هي ملك لأبناء حضرموت وليست مهدرة يستطيع أي لص السيطرة عليها كائن من كان.
وماكان هذا ليحدث للمجلس الانتقالي ولا لقياداته لو أنهم شاركوا البسطاء من أبناء المحافظات الجنوبية حياتهم وسعوا بكل قوة للتخفيف من تلك المعاناة، وتوفير أبسط متطلبات الحياة الكريمة، لكان الشعب التف حولهم وساندهم ودعمهم بكل قوة، أما أن يرفل قيادات الانتقالي بالنعيم ويعيشون مع عائلاتهم حياة الترف في الفنادق و القصور تاركين البسطاء يتضورون جوعا وعطشا ولا يجدون ما يسكت صرخات أطفالهم من شدة الجوع، فذلك أمر لا يستطيع أي إنسان أن يتحمله، فرسول الله عليه أفضل الصلاه والسلام، وهو خير خلق الله، شارك الصحابة الكرام الجوع والعطش، وعاش معاناتهم حتى فرج الله عليه وعلى صحابته الكرام، واسأل الله العظيم ان يفرج على شعبنا اليمني العظيم في شماله وجنوبه كل كرباتهم وينهي معاناتهم وهو على كل شيء قدير.