”بين بيان أمني وتشريح جثة... تناقضٌ صارخ في قضية مقتل قاتل الشهيدة أفتهان المشهري”

في ظل غموض يلف تفاصيل مقتل المتهم باغتيال الشهيدة أفتهان المشهري، برز تناقض صارخ بين الرواية الرسمية الصادرة عن الأجهزة الأمنية في محافظة تعز، وبين الأدلة المادية التي كشف عنها تقرير الطب الشرعي، ما أثار موجة من التساؤلات حول طبيعة الحادثة وظروف مقتل المتهم، محمد صادق المخلافي.
فقد تحدّث محمد عبدالله المشهري، أحد أفراد أسرة الضحية، في منشور مطول، عن التباين الصادم بين ما أعلنته السلطات الأمنية، وما كشفه التشريح الطبي، معتبرًا أن "قواعد الفيزياء والمنطق في تعز تخضع لأوامر البيان الرسمي"، في إشارة إلى ما وصفه بـ"الرواية المُصطنعة" التي قدّمتها الجهات الرسمية.
وأوضح المشهري أن البيان الأمني تحدّث عن "مقاومة" قام بها المتهم أثناء محاولة القبض عليه، انتهت بمقتله بعد تبادل لإطلاق النار. لكن تقرير الطب الشرعي، وفق قوله، يروي قصة مختلفة تمامًا — قصة "لا تليق إلا بفيلم إثارة هوليوودي مبالغ فيه"، حيث يظهر جسد القتيل وكأنه "لوحة اختبار لقوة النيران".
وأشار إلى أن التقرير الطبي سجّل أكثر من 30 إصابة نارية في جسد المتوفى، توزّعت بين مداخل ومخارج ومسارات تحت الجلد، إضافة إلى وجود شظايا نارية متعددة الأحجام منتشرة في مناطق وسط وأعلى الظهر. ولفت إلى أن الإصابات لم تقتصر على مناطق حيوية فحسب، بل امتدّت لتغطّي الكتفين، الصدر، الظهر، الذراعين، الفخذين، والساقين — ما يوحي، وفق تحليله، بأن الهدف لم يكن "تحييد مقاومة"، بل "إبادة الهدف".
وأثار المشهري نقطة بالغة الأهمية تتعلق بمسافات إطلاق النار، إذ بيّن أن التقرير ذكر أن معظم الطلقات أُطلقت من مسافة متوسطة إلى بعيدة (تتجاوز 91 سم)، لكنه في الوقت نفسه سجّل وجود علامات احتراق، اسوداد، و"شَمّ بارودي" حول بعض الجروح — وهي علامات لا تظهر إلا في حالات الإطلاق من مسافة قريبة جدًّا، بل وربما من مسافة الصفر.
وتساءل بسخرية لاذعة: "هل استطاع الهالك أن يواصل المقاومة وهو يتلقى هذا العدد الخيالي من الرصاصات التي اخترقت جسده وحطّمت عظامه في مناطق متفرقة؟"، مُشيرًا إلى وجود كسور في عظام الفخذين والساقين، ما يصعّب – إن لم يُنف – أي احتمال لاستمراره في المقاومة وقت إطلاق هذه الطلقات.
وخلُص إلى أن البيان الأمني قدّم "حكاية بطلقة واحدة قاضية أنهت مقاومة"، بينما قدّم تقرير التشريح "دليلًا دامغًا على وابل من النيران لا يترك مجالًا للشك بأن المقصود لم يكن التحييد، بل التصفية".
وطالب المشهري الأجهزة الأمنية في تعز بمراجعة "لغة بياناتها الصحفية"، أو على الأقل "التنسيق مع الطبيب الشرعي قبل إصدارها"، مؤكدًا أن "الجسد لا يكذب"، خاصةً عندما يكون "مثقوبًا بهذا الكم من الحقيقة النارية".
وأنهى منشوره بعبارة رمزية: "#أفتهان_مرت_من_هنا"، في إشارة إلى أن قضية ابنته لا تزال حيّة في وجدان أهلها والمجتمع، وأن البحث عن الحقيقة والعدالة لم ولن يتوقف.