السبت 18 أكتوبر 2025 05:55 مـ 26 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

كبار السن في لحج ينتظرون رواتبهم المتأخرة في طوابير مهينة… مشهدٌ يُجسّد انهيار الكرامة الإنسانية وسط صمت المسؤولين

السبت 18 أكتوبر 2025 06:42 مـ 26 ربيع آخر 1447 هـ
طوابير المسنين
طوابير المسنين

في مشهدٍ يمزّق القلوب ويُجسّد واقعًا مريرًا، يقف عشرات المتقاعدين وكبار السن في طوابير طويلة أمام فروع الصرافة بمدينة لحج، ينتظرون بلهفةٍ ما تبقّى من رواتبهم المتأخرة، بعد أشهرٍ من الحرمان والانتظار.

صورةٌ مؤلمة، لا تُظهر فقط معاناة اقتصادية، بل تُجسّد انتهاكًا صارخًا لكرامة من أفنوا زهرة شبابهم في خدمة الوطن، ليُقابلوا اليوم بالإهمال والتجاهل.

المشهد المتكرر، الذي وصفه مواطنون وناشطون بـ"المخزي"، يُظهر رجالًا تجاوزت أعمارهم السبعين والثمانين عامًا، يقفون تحت لهيب الشمس أو وسط برودة الليل، متمسّكين بأملٍ ضعيف في الحصول على جزءٍ من مستحقاتهم المالية.

لا فرق بين مريضٍ يعاني من أمراض مزمنة، أو معوّقٍ يتكئ على عكازه، أو أرملةٍ فقدت معيلها—الجميع يقف في ذات الطابور، في انتظارٍ يطول أكثر من اللازم، وكأنهم "شحّاذون" وليسوا أصحاب حقٍ مشروع.

وأثارت هذه الصور موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وجّه ناشطون انتقادات لاذعة للمسؤولين في مختلف السلطات، متسائلين عن مكان "شرف المسؤولية" و"الضمير الوطني". وكتب أحد المعلقين: "والله إنكم سلبتم منهم كرامتهم قبل أن تسلبوا حقوقهم"، فيما علّق آخر: "أين ذهبت شيبة العمر؟ أين وُجه الاحترام لتعب السنين ووجع المرض؟".

ويُحمّل الناشطون كل من ساهم في تعميق هذه الأزمة—سواء عبر التسويف، أو سوء الإدارة، أو غياب الرقابة—مسؤولية ما وصل إليه الوضع، مشيرين إلى أن استمرار تأخير صرف الرواتب ليس مجرد خلل إداري، بل جريمة إنسانية بحق شريحةٍ من أكثر فئات المجتمع هشاشةً وضعفًا.

ويأتي هذا المشهد في سياق أزمة متفاقمة تطال موظفي الدولة والمتقاعدين في مناطق متعددة من اليمن، نتيجة الانقسامات السياسية والاقتصادية المستمرة، ما أدّى إلى تدهور حاد في الوضع المعيشي. ويعيش كبار السن اليوم على هامش البقاء، يصارعون الجوع والمرض، ويفقدون الأمل يومًا بعد يوم، بينما تغيب الحلول الحقيقية، ويستمر الصمت الرسمي كأن لا شيء يحدث.

وفي ظل هذا الواقع القاسي، يبقى السؤال الأهم: هل سيبقى هؤلاء المتقاعدون ضحيةً للتجاهل، أم أن هناك من سيستجيب لصرختهم قبل فوات الأوان؟

موضوعات متعلقة