الأربعاء 29 أكتوبر 2025 05:07 مـ 8 جمادى أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

التجويع.. سياسة الإمامة تتجدد حوثيًا

الأربعاء 29 أكتوبر 2025 05:39 مـ 8 جمادى أول 1447 هـ
التجويع.. سياسة الإمامة تتجدد حوثيًا

يقول المثل اليمني: من جاع لا يسمع ولا يرى، وهذه الحقيقة أدركتها الإمامة منذ قرون، فحوّلت الجوع إلى وسيلة لإخضاع الناس وتجهيلهم، ولكنهم يجهلون أيضا المقولة التي يرددونها عن الخليفة علي بن أبي طالب "عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه"، والتي يمكن أن تكون نتيجتها ثورة الشعب على هذا الطيغان الحوثي لأخذ حقوقهم بالقوة.

اليوم، تعيد ميليشيا الحوثي هذا النهج الإمامي ذاته، مستخدمة الحرمان المعيشي وسلب الرواتب أداة لإذلال اليمنيين وإخماد وعيهم، لتبقى طبقة سلالية متحكمة في مصير البلاد كما كان أئمة الماضي.

منذ أكثر من تسع سنوات يعيش ملايين الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي بلا رواتب، بينما تُنهب الإيرادات وتُستنزف موارد الدولة لصالح ما يسمى بـ"المجهود الحربي".

تشير تقديرات اقتصادية إلى أن الحوثيين نهبوا خلال هذه الفترة أكثر من 7 تريليونات ريال يمني من أموال الدولة والإيرادات العامة، بينها عائدات ضرائب وجمارك ووقود، فيما يعيش أكثر من 70% من اليمنيين تحت خط الفقر.

إن هذا السلوك العنصري ليس طارئًا، بل هو امتداد للفكر الإمامي القديم الذي حكم اليمن قرونًا، فكان يأخذ ولا يعطي، يفرض الجبايات والزكوات والخُمس دون أن يقدم تعليمًا أو تنمية أو عدالة. فقد كان الشعب آنذاك غارقًا في الفقر والحرمان، بينما تستأثر الطبقة السلالية بالمال والسلطة، وتعتبر نفسها أسيادًا على بقية اليمنيين.

واليوم، يكرر الحوثي المشهد ذاته: ينهب موارد البلاد، ويفرض الجبايات على التجار والمواطنين، بينما يعاني الناس من الجوع وانعدام الخدمات. وحتى لا يطالب الشعب بحقوقه، يفتعل الحوثيون الحروب الداخلية والخارجية والصراعات القبلية لإشغال الناس عن سؤالهم الأهم: أين رواتبنا؟ وأين ثرواتنا؟

الحوثيون لا يمارسون أدوات الدولة، بل أدوات الجماعة، وهم يحكمون على الشعب وليس لأجل الشعب، ويواصلون نفس النهج الإمامي القائم على التمييز السلالي وتجويع اليمنيين لضمان بقائهم في الحكم.

إن مواجهة الحوثي لا تكون بالسلاح فقط، بل بكسر دائرة التجويع والتجهيل التي فرضها على اليمنيين، وإحياء الوعي بأن الحرية والكرامة تبدأ من حق الإنسان في العيش الكريم، وفي أن ينال أجره وحقوقه دون منّة أو استعباد.

وكما أسقط الحوثيون صنعاء بدعوى الجرعة والجوع، فإن مصيرهم سيكون السقوط ذاته، نتيجةً لكل هذا الحرمان والتجويع، وسياسة العنصرية والطائفية، وتحويل اليمنيين إلى طبقات.