اليمن يضع التراث والتعليم في صدارة أولوياته في محافل اليونسكو ويدعو لتضامن دولي
في خطاب بارز أمام المجتمع الدولي، أكدت الجمهورية اليمنية على تمسكها الشديد بتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، معتبرة التعليم والثقافة ركيزتين أساسيتين لتحقيق التنمية المستدامة وبناء السلام في بلادها التي تعاني من ويلات الحرب.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الأستاذ طارق سالم العكبري، وزير التربية والتعليم، أمام الدورة الـ43 للمؤتمر العام لليونسكو، المنعقدة في مدينة سمرقند الأوزبكية، والتي حظيت باهتمام دولي واسع.
تقدير دبلوماسي وتهنئة بالقيادات الجديدة
وبداية كلمته، حرص الوزير العكبري على إرسال رسائل يمنية إيجابية، حيث هنأ السيد كوندكر محمد طلحة على انتخابه رئيساً جديداً للمؤتمر العام، معبراً عن أمله في قيادته للمنظمة نحو تحقيق أهدافها النبيلة. كما لم ينسَ أن يثمن جهود المديرة العامة السابقة السيدة أودري أزولاي، مقدماً تهاني اللجنة الوطنية اليمنية للتربية والثقافة والعلوم إلى معالي الدكتور خالد العناني بمناسبة انتخابه مديراً عاماً جديداً لليونسكو، معبراً عن ثقته الكاملة في قدرته على قيادة المنظمة نحو "آفاق جديدة من الإبداع والابتكار والتعاون الدولي".
إنجاز تاريخي وخطوة نحو التضامن
وأشاد الوزير العكبري باعتماد المجلس التنفيذي لليونسكو البند رقم (47) الخاص بدعم اليمن، واصفاً إياه بأنه "خطوة تاريخية تجسد التضامن الدولي مع بلادنا". وأوضح أن هذا الدعم يمثل دفعة معنوية ومادية هامة، مؤكداً تطلع الحكومة إلى ترجمة هذا الدعم إلى برامج عملية ومستدامة تسهم في إصلاح النظام التعليمي الذي تضرر بشدة، وصون الموروث الثقافي والحضاري اليمني الفريد.
26 موقعاً تراثياً وصراع ضد تهريب الآثار
وكشف الوزير عن الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة رغم الظروف الصعبة، مشيراً إلى أن اليمن تمكن من تسجيل 26 موقعاً تراثياً على القائمة التمهيدية للتراث العالمي، وهو ما يؤكد على غنى وتنوع التراث اليمني. لكنه في الوقت نفسه، لم يخفِ حجم التحديات، لا سيما في مجال حماية التراث الثقافي غير المادي الذي يجسد الهوية الوطنية.
وقال العكبري: "إن مكافحة تهريب الممتلكات الثقافية ما تزال تحدياً كبيراً جراء الحرب والانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة"، موضحاً أن الميليشيات الحوثية ساهمت في تفاقم هذه الظاهرة من خلال استهدافها للمواقع الأثرية والمتاحف. وأكد أن الحكومة تعمل بجد لمواجهة هذا الخطر عبر تشريعات وطنية صارمة وشراكات دولية لاستعادة الآثار المنهوبة.
التعليم والثقافة: جناحا التنمية
ودعا الوزير الدول الأعضاء في اليونسكو إلى حشد الموارد المالية والفنية اللازمة لحماية التراث الثقافي اليمني، وشدد على أهمية تعزيز الصناعات الإبداعية التي وصفها بـ"القطاع الواعد للنمو الاقتصادي ورافد أساسي للتنمية المستدامة". وختم هذا المحور بتأكيده على رؤيته بأن "الثقافة والتعليم هما جناحا التنمية وبناء السلام".
موقف راسخ من القضية الفلسطينية
وعلى الصعيد السياسي، جدد الوزير العكبري موقف اليمن الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، معبراً عن رفض بلاده الكامل للاحتلال والانتهاكات والجرائم التي ترتكب في قطاع غزة. ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني، ليس فقط على الصعيد الإنساني، بل أيضاً من خلال "تعزيز صموده الثقافي والحضاري" في وجه محاولات المسخ والتهجير.
وفي ختام كلمته، أعرب الوزير عن تقدير الحكومة اليمنية العميق لمنظمة اليونسكو والدول الصديقة على دعمهم المستمر، مؤكداً التزام بلادهم الراسخ بالعمل المشترك لتحقيق الأهداف الإنسانية المشتركة، وتعزيز قيم التعاون والسلام في العالم.













