”محور بحري سري” بين السودان والحوثيين: تهريب نفط جنوب السودان وأسلحة إيرانية عبر بورتسودان يهدّد أمن البحر الأحمر
كشف تقرير صادر عن منتدى الشرق الأوسط، المؤسسة البحثية الأمريكية المرموقة، عن وجود شبكة بحرية سرية تربط بين ساحل السودان، لا سيما ميناء بورتسودان، والمناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي في اليمن، بهدف تهريب النفط الخام والأسلحة الإيرانية، في تطوُّر يُعدّ تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والدولي.
وأفاد التقرير، المستند إلى تحليل دقيق لبيانات تتبع السفن التجارية، بأن هذه الشبكة ليست وليدة اللحظة، بل تأسست في أواخر عام 2024، مدعومة بعلاقات تعاون سرية بين جهات نافذة داخل السودان — من بينها عناصر مرتبطة بالمجلس السيادي الانتقالي — ومليشيا الحوثي، التي تصنفها الولايات المتحدة الأمريكية منظمة إرهابية.
تجاوز تجارة الأسلحة إلى "منصة لوجستية" للنفط
وأشار التقرير إلى أن العلاقة لم تعد تقتصر على تبادل الأسلحة، بل تطورت لتحول ميناء بورتسودان إلى نقطة عبور رئيسية لإعادة بيع النفط الخام القادم من جنوب السودان، ومن ثم تهريبه إلى ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين. وتشير السجلات البحرية التي تم تحليلها إلى أن ناقلات نفط غادرت بورتسودان في أكتوبر 2024 متّجهة مباشرة إلى الحديدة، ما يعزّز فرضية تواطؤ مباشر من دوائر السلطة السودانية، وعلى رأسها الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي.
إيران في قلب الشبكة: تمويل عبر شركات وهمية
ولفت التقرير إلى أن إيران تبقى المصدر الرئيسي للوقود والأسلحة المُوجّهة للحوثيين، مؤكدًا أن شركة الخليج الفارسي للبتروكيماويات التجارية — التي تخضع لعقوبات أمريكية — سلّمت الحوثيين منتجات نفطية بقيمة 12 مليون دولار عبر ميناء رأس عيسى في يوليو 2025. كما كشفت وزارة الخزانة الأمريكية أن تجاراً يمنيين، يعملون بالتنسيق مع الحوثيين، يستخدمون عدة موانئ إقليمية لتنفيذ عمليات تفريغ ونقل سرية للنفط والغاز، غالبًا تحت غطاء تجاري مشروع.
تحذيرات من "محور ملاءمة" جديد في البحر الأحمر
وقال ثيودور كاراسيك، الباحث غير المقيم في مؤسسة "جيمستاون"، في تصريح نقله التقرير:
"يبدو أن عناصر في بورتسودان تدعم شبكة بحرية تضم الحوثيين وشركاءهم التجاريين من السودان. هذه ليست مجرد صفقات انتهازية، بل تمثّل بنيةً استراتيجية جديدة."
وذهب التقرير إلى التحذير من أن هذا التحالف الناشئ "ليس تكتيكيًا فحسب، بل يُعدّ ميلاد محور ملاءمة في البحر الأحمر"، يهدف وكلاء إيران من خلاله إلى توسيع نفوذهم في القرن الأفريقي، مستغلين الاضطرابات السياسية والاقتصادية في السودان، لخلق ممرٍ خلفي يُهدّد أمن الملاحة، ويزعزع استقرار أسواق الطاقة، ويعيق جهود التحالفات الدولية — بما فيها العمليات الأمريكية والإسرائيلية والمتعددة الجنسيات — الرامية إلى تأمين مضيق باب المندب.
انعكاسات إقليمية ودولية مقلقة
ويُلمّح التقرير إلى أن هذا التحالف قد يشكّل ضربة قاصمة لجهود التطبيع الإقليمي، ويُعقّد مساعي إعادة الاستقرار إلى السودان، خصوصًا في ظلّ انهيار المؤسسات المدنية وتنامي نفوذ الميليشيات. كما يهدّد بإعادة رسم خريطة التحالفات في منطقة ذات حساسية استراتيجية فائقة، تمرّ عبرها أكثر من 12% من التجارة العالمية.













