شلل المطارات الأمريكية يتسع.. الإغلاق الحكومي يشل حركة الطيران ويدخل الملايين في فوضى الرحلات
تعيش الولايات المتحدة الأمريكية منذ أيام حالة شلل غير مسبوقة في تاريخ قطاع الطيران، بعد أن أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية عن قرار مفاجئ بخفض عدد الرحلات في 40 مطارًا رئيسيًا على مستوى البلاد، وجاء القرار نتيجة مباشرة لـ الإغلاق الحكومي في أمريكا الذي تحول إلى الأطول في تاريخها الحديث، ما تسبب في ارتباك واسع داخل شركات الطيران، وأشعل موجة من الإلغاءات في توقيت حرج يسبق موسم العطلات.
بداية الأزمة.. قرار مفاجئ يشل حركة الطيران في أمريكا
القرار الذي بدأ تطبيقه تدريجيًا أحدث ما يشبه “الشلل الصامت” في حركة الطيران، حيث باتت الشاشات في كبريات المطارات الأمريكية تعج بإشعارات “رحلة ملغاة” و“تأجيل حتى إشعار آخر”، في مشهد أعاد للأذهان أزمة 2019 ولكن هذه المرة بحدة أكبر وتأثير أوسع.
خفض تدريجي في الرحلات وتأثير متسارع على الجدول الجوي
وأعلنت إدارة الطيران الفيدرالية أنها بدأت خفض الرحلات بنسبة 4% اعتبارًا من يوم الجمعة، على أن تصل النسبة إلى 10% خلال أسبوع واحد إذا استمر الإغلاق الحكومي في أمريكا دون حل سياسي قريب، وأوضحت الإدارة أن الهدف من القرار هو الحفاظ على سلامة النظام الجوي الأمريكي في ظل النقص الحاد في الكوادر، خاصة بين مراقبي الحركة الجوية الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ بداية الأزمة.
ووفق تقديرات أولية، فإن عدد الرحلات اليومية الملغاة أو المؤجلة تجاوز حاجز 1500 رحلة خلال 48 ساعة فقط، وهو رقم مرشح للارتفاع مع كل يوم إضافي من الإغلاق.
شركات الطيران الكبرى تدخل في حالة طوارئ
في محاولة لتفادي الأسوأ، أعلنت شركات الطيران الكبرى في أمريكا – دلتا، يونايتد، أمريكان إيرلاينز، وساوث ويست – عن خطط استباقية لإلغاء مئات الرحلات وتعديل جداول التشغيل.
فقد ألغت “دلتا” أكثر من 170 رحلة في يوم واحد، بينما قررت “يونايتد” خفض جدولها بنسبة 4%، أي ما يعادل نحو 200 رحلة يومية، أما “أمريكان إيرلاينز” فألغت 220 رحلة لتخفيف الضغط على الطواقم والمطارات المزدحمة.
وأكدت الشركات أن الإلغاءات مؤقتة، لكنها قد تمتد إلى المطارات الإقليمية الأصغر المتصلة بالمدن الكبرى، ما يعني أن شلل المطارات الأمريكية قد يمتد إلى معظم الولايات دون استثناء.
مطارات كبرى ضمن قائمة التخفيضات
شملت خطة إدارة الطيران الفيدرالية مطارات حيوية مثل جون إف. كينيدي، لاجوارديا، نيوارك في نيويورك، وشيكاغو، أتلانتا، دالاس، ميامي، ولوس أنجلوس، وصولًا إلى سان فرانسيسكو، سياتل، هاواي، وألاسكا.
هذا الانتشار الجغرافي الواسع جعل الأزمة وطنية بامتياز، فحتى الرحلات الداخلية القصيرة أصبحت تواجه تأخيرات طويلة وإلغاءات متكررة.
نصائح وتحذيرات للمسافرين وسط فوضى الرحلات
وسط حالة القلق المتصاعدة، أصدرت شركات الطيران تحذيرات رسمية للمسافرين الذين يخططون للسفر خلال الأسابيع القادمة، داعية إياهم إلى تعديل مواعيد الرحلات أو الحجز المسبق إلكترونيًا.
كما أطلقت بعض الشركات إعفاءات استثنائية تسمح بتغيير مواعيد السفر دون رسوم، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتزايد.
ودعا الرئيس التنفيذي لشركة فرونتير إيرلاينز الركاب إلى شراء تذاكر مرنة أو قابلة للاسترداد، مشيرًا إلى أن احتمال تأجيل أو إلغاء الرحلات “مرتفع جدًا” طالما استمر الإغلاق الحكومي.
جذور الأزمة.. الإغلاق الحكومي يضرب قلب منظومة الطيران
بدأ الإغلاق الحكومي في أمريكا مطلع أكتوبر، متسببًا في توقف رواتب آلاف الموظفين الفيدراليين، من بينهم عناصر أمن المطارات ومراقبو الحركة الجوية.
وأشار رئيس اتحاد المراقبين الجويين، نيك دانييلز، إلى أن الأزمة الحالية “أخطر من أي وقت مضى”، حيث انخفض عدد المراقبين العاملين بنحو 400 موظف مقارنة بعام 2019، وفقًا لتحليل شبكة CNN التي كشفت أيضًا عن تسجيل أكثر من 450 حالة نقص في الكوادر منذ بدء الإغلاق.
سلامة الطيران أولاً رغم الخسائر
ورغم الخسائر المليارية التي تكبدتها شركات الطيران، تؤكد السلطات الفيدرالية أن تقليص الرحلات ضرورة لا بد منها لضمان سلامة الملاحة الجوية.
وقالت رئيسة المجلس الوطني لسلامة النقل، جينيفر هومندي، إن القرار يمثل “إدارة واقعية للمخاطر”، مشددة على أن الإرهاق ونقص الطواقم قد يؤديان إلى “أخطاء كارثية” إن لم يتم تقليص حجم العمل مؤقتًا.
إلى أين تتجه الأزمة؟
مع تفاقم شلل المطارات الأمريكية يوماً بعد يوم، يتساءل الملايين من المسافرين عن مصير رحلاتهم القادمة، فيما يراقب خبراء الاقتصاد تأثير الأزمة على الناتج القومي وسوق العمل، فهل تكون هذه مجرد أزمة مؤقتة ستنتهي مع حل سياسي قريب؟ أم بداية انهيار أوسع يهدد أحد أهم القطاعات الحيوية في أمريكا؟
يبقى السؤال الأبرز:
إلى متى ستبقى السماء الأمريكية مزدحمة بالإلغاءات بدل الطائرات؟



