• الرئيسية
• علوم وصحة

مقدمة من قلب المعاناة

"كثيرًا ما راودتني فكرة تأليف كتاب حول السرطان، لكن الرهبة من الطريق الطويل والمحفوف بالمخاطر كانت دائمًا تعيقني"، بهذه الكلمات افتتح الدكتور عاصم منصور، المدير العام لمركز الحسين للسرطان، كتابه الجديد الموسوم بـ"السرطان من المسافة صفر: عندما تخون الخلايا"، حيث يوثق رحلة فريدة بين العلم والتجربة الإنسانية، بين العمل الإداري والتفاعل المباشر مع المرضى، ليقدم أطلسًا معرفيًا وإنسانيًا في آن واحد.

السرطان... تجربة لا تشبه غيرها

لا يرى منصور السرطان مرضًا فقط، بل حالة مركبة من الأبعاد الصحية والاجتماعية والنفسية والفلسفية، فهو يغير كل شيء منذ لحظة التشخيص، حيث يشعر الإنسان وكأنه يولد من جديد في عالم مليء بالتحديات، يعيد المريض ترتيب أولوياته، ويتخلى عن فكرة العودة لحياته السابقة، باحثًا عن معنى جديد في كل تفصيلة.

لتحميل الكتاب اضغط هنـــــــــــــــــــــا

رحلة الكتاب من الوجع إلى الأمل

يتناول الكتاب، الواقع في 677 صفحة موزعة على 23 فصلًا، مقاربة علمية مبسطة عن مرض السرطان، بدءًا من تشخيصه وعلاجه التقليدي، وصولًا إلى الطب الدقيق والعلاج المناعي، ويتوقف عند قصص حقيقية مؤثرة لمرضى خاضوا معركتهم بكل ما فيهم من قوة وألم وأمل، الكتاب ثمرة سنوات من العمل والتأمل، نضجت فكرته مع الزمن وتجلت عبر التجربة الشخصية للمؤلف، بدءًا من فقدانه لجده خلال سنوات دراسته، إلى توليه قيادة مركز الحسين في واحدة من أكثر التجارب الطبية والإدارية غنى وتحديًا في العالم العربي.

عن الكاتب والطريق الطويل مع المرض

بدأ الدكتور منصور رحلته في مركز الحسين كطبيب في قسم الأشعة التشخيصية، وتولى منصب المدير العام في عام 2012، مستمرًا حتى اليوم في قيادة المؤسسة، خلال هذه الفترة، تفاعل مع مئات القصص، واطلع عن قرب على تطور أبحاث السرطان، وجمع في هذا العمل بين العلم والرؤية المجتمعية والنفسية، ليمنح الكتاب بعدًا شموليًا يتجاوز الطب إلى قراءة الظاهرة من جذورها.

أبعاد متعددة لتجربة واحدة

يقدم الكتاب قراءة علمية دقيقة، مدعومة بتاريخ السرطان منذ العصور القديمة، ومرورًا بتطور العلاجات حتى العصر الرقمي، حيث تلعب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والروبوتات دورًا محوريًا في التشخيص الدقيق وتحسين نسب الشفاء، لكن المؤلف لم يكتف بالبعد العلمي، بل تعمق في البعد الاجتماعي، مستعرضًا الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية في القدرة على الوصول إلى العلاج، ومبرزًا التحديات التي تواجهها المجتمعات العربية من نقص البنية التحتية والرعاية الصحية المتخصصة.

السرطان... محنة نفسية أيضًا

منصور يخصص جزءًا كبيرًا من عمله للجانب النفسي للمرض، وهو جانب كثيرًا ما يتم تجاهله. يصف الصدمة التي يتلقاها المريض وأسرته فور سماع التشخيص، ويؤكد أن الدعم النفسي، سواء من الأسرة أو الجماعات أو المجتمع، لا يقل أهمية عن العلاج الطبي نفسه، كما يستعرض قصصًا لمرضى حوّلوا الخوف إلى إرادة، والعزلة إلى صبر، وكانوا مثالًا للانتصار الإنساني على اليأس.

هل السرطان ذنب؟

وفي إجابته عن أحد أكثر الأسئلة إثارة للجدل، يرفض منصور اعتبار السرطان ذنبًا يقع على المريض، لكنه يشدد على أهمية الوقاية وتجنب العوامل المسببة مثل التدخين وسوء التغذية، ومع ذلك، يعترف بأن هناك جوانب خارجة عن إرادة الإنسان، وهو ما يجعل الوقاية ضرورية لكن غير كافية، مؤكداً أن المرض في بعض السياقات يُعد قدراً يتطلب استجابة علمية ومجتمعية وإنسانية.

أطلس السرطان العربي

يريد منصور لكتابه أن يكون بوصلة للقارئ العربي، الذي غالبًا ما يفتقر للمصادر الموثوقة التي تجمع بين اللغة المبسطة والمحتوى العلمي العميق، كما يسعى من خلال الكتاب لتسليط الضوء على التفاوتات في الرعاية الصحية في المنطقة العربية، ويدعو لتحسين أنظمتها وتوفير علاجات متقدمة بعيدًا عن الحسابات الاقتصادية والسياسية التي تضعف فرص الشفاء.

خاتمة بروح إنسانية

كتاب "السرطان من المسافة صفر" ليس فقط سردًا علميًا ولا مجرد سيرة ذاتية، بل هو عمل إنساني شامل، يُعيد تعريف العلاقة بين المريض والمرض، ويؤسس لوعي جديد يربط بين المعرفة والعاطفة، بين التجربة الفردية والهمّ الجماعي، إنه دعوة لأنسنة الطب، وتحفيز للقراء على فهم المرض بمنظور مختلف، حيث الأمل والمعرفة يسيران جنبًا إلى جنب، رغم كل الألم.

السرطان، عاصم منصور، مركز الحسين للسرطان، علاج السرطان، كتاب السرطان من المسافة صفر، تجارب مرضى السرطان، العلاج المناعي، الطب الدقيق، الذكاء الاصطناعي في الطب، الدعم النفسي لمرضى السرطان، الرعاية الصحية في العالم العربي، الفجوة في علاج السرطان، كتب طبية عربية، السرطان في الأردن، قصص نجاح في علاج السرطان، التحديات الصحية في الوطن العربي، البعد النفسي للسرطان، السرطان والخلايا، الخلايا السرطانية