الهاشمية السياسية وخطر الاختراق من الداخل

ليست دعوة للكراهية أو خطاب مناطقي ولكن قراءة واقعية لمرحلة حساسة يمر بها اليمن تقتضي تسليط الضوء على الثغرات التي ادخلت منها المليشيات الحوثية إلى عمق الدولة ومؤسساتها وما حدث للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح من خيانة غادرة على يد من كانوا محسوبين عليه يجب أن يقرأ بتمعن باعتباره نموذج حي لمخطط كبير وعميق.
أحد الأمثلة على الاختراق لمنظومة السياسة المدعو طارق الشامي الذي كان أحد رجال الإعلام والسياسة المقربين من الرئيس صالح ثم اتضح لاحقا أنه أداة خفية من أدوات المشروع الحوثي فالشامي ليس استثناء وانما يمثل نموذج مكرر لعشرات ومئات من الشخصيات التي تسللت إلى مفاصل الدولة وهي تحمل مشروع طائفي مقنع بعباءة الجمهورية.
القيادات الهاشمية التي تتصدر المشهد السياسي أو العسكري أو الإعلامي بينما تخفي ولاءها للمشروع الامامي الطائفي تتحرك داخل المؤسسات وتغذي التباينات والانقسامات بين صفوف القوى المناهضة للحوثي وهي تؤدي دور استخباراتي بامتياز لصالح مليشيات الحوثي المدعومة من ايران.
فالدولة اليمنية لن تستعاد ما لم يتم وضع حد لهذه الشخصيات المتلونة التي تجيد تبديل مواقفها بما يخدم المشروع الامامي فالمعركة اليوم لم تعد على الجبهات العسكرية وانما أيضا في معركة الوعي والتنظيف المؤسسي من بقايا المشروع الإمامي الكهنوتي العنصري.
وما يثير القلق هو محاولات تجميل صورة الهاشمية السياسية عبر تصدير بعض الشخصيات الهاشمية على أنها ضد المشروع السلالي الكهنوتي بينما هي تعمل في الواقع على التمكين الناعم لهذا المشروع داخل مؤسسات الدولة وتمارس دور الطابور الخامس بكل براعة.
فالمأساة بدأت منذ ثورة 26 سبتمبر حين لم يتم اجتثاث المشروع الإمامي بالكامل وتم استيعابه سياسيا وإعلاميا وعسكريا واقتصاديا واستمر هذا التمكين في دولة الوحدة حتى تسلل زعيم الميليشيات الحوثية إلى قلب صنعاء تحت لافتة الشراكة وبفعل خذلان القوى السياسية وتسامحها مع خلايا المشروع الامامي الجديد والقديم.
من يتتبع الصراعات والحروب اليمنية خلال العقود الماضية سيكتشف أن جوهرها كان يتمحور حول الصراع مع مشروع طائفي إمامي متخفي يستثمر في التباينات والفتن ويستخدم كل الوسائل الممكنة لاختراق الصف الجمهوري.
نوجه دعوة جادة لرئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة ووزارة الدفاع والأجهزة الأمنية والفاعلين في الوسط الحزبي والإعلامي أن يتمحصوا من حولهم جيدا ويفتشوا في الصفوف القريبة منهم عن اذرع الهاشمية السياسية فالخطر الحقيقي لم يعد على الجبهات ولكن يكمن في مكاتب القرار حيث تنشط أدوات مشروع الهاشمية السياسية التي تعمل بغطاء جمهوري وتخدم مليشيات الحوثي الارهابية من الداخل.