الخميس 4 سبتمبر 2025 07:16 مـ 12 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الحوثي.. سلطة السطو التي صادرت أرزاق اليمنيين

الخميس 4 سبتمبر 2025 06:46 مـ 12 ربيع أول 1447 هـ
الكاتب هزاع البيل
الكاتب هزاع البيل

يعيش الموظف اليمني في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية واقعًا اقتصاديًا بالغ القسوة، بعد أن صادرت الميليشيا رواتب العاملين في القطاع العام، وحوّلت الدولة إلى ماكينة جباية لا همّ لها سوى امتصاص ما تبقى من أرزاق اليمنيين.
المأساة لا تكمن فقط في انقطاع الرواتب، بل في استثمار الحوثيين لهذه المأساة لخلق واقع اقتصادي قائم على الابتزاز والحرمان الممنهج، فملايين الأسر حُرمت من مصدر دخلها الوحيد، فيما تحولت المرتبات إلى أداة تمويل لحفلات الزينة، والمناسبات الطائفية، ومواسم الجباية التي لا تتوقف.
تحت لافتة "الاحتفال بالمولد النبوي"، تُجمع فيها الأموال من كل بيت، وكل متجر، وحتى من بسطات الباعة المتجولين، لتمويل حفلات لا علاقة لها بروحانية المناسبة، ولا باحتياجات المواطن.
المدارس مغلقة أو شبه منهارة، المستشفيات بلا أدوية، الخدمات الأساسية معدومة، ومع ذلك تتفنن الميليشيا في فرض الضرائب، وتلوين الشوارع بالأخضر، وكأنها تحتفل على أنقاض الجوع، وتزين الخراب بصبغة دينية مزيفة.
الحوثيون لم يُخفوا يومًا أن مشروعهم لا يعترف بمفهوم الدولة، ولا بقيم الخدمة العامة، بل يرون في الوظيفة وسيلة لتوسيع رقعة النفوذ المالي والسياسي، وهو ما يظهر جليًا في تحويل موارد الدولة إلى حسابات خاصة بقيادات الميليشيا، التي تعيش في قصور فارهة، فيما يعجز الموظف البسيط عن إيجاد قوت يومه.
المفارقة القاتلة أن الأموال التي تُجمع باسم الدين، لا تُستخدم إلا لتمويل مشاريع الحرب، والدعاية الطائفية، والتوسع العقائدي، بينما يُترك المواطن يواجه وحده الجوع والفقر والمرض، وسط صمت دولي مخزٍ، وتقاعس أممي مستمر.
لم يعد الجوع في اليمن نتاج أزمة طارئة، بل سياسة ممنهجة تنفذها الميليشيا بدم بارد، تجعل من الجباية وسيلة استعباد، وتحوّل المواطن إلى رهينة اقتصادية، تدفع ما تملك أو تُعاقب في قوت يومها.
ما يحدث في مناطق الحوثي اليوم، لا يمكن وصفه سوى بأنه عملية نهب منظم تحت عناوين دينية وشعارات زائفة، إذ لم تعد الدولة موجودة بمفهومها الطبيعي، بل حلت مكانها سلطة الأمر الواقع التي تصادر المال، وتكافئ الموالين، وتقصي من يرفع صوته مطالبًا بحقه.
إن الصمت على هذه الممارسات، سواء من الداخل أو الخارج، يمثل غطاءً لهذا العبث، وإذا كانت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية عاجزة عن الضغط لصرف رواتب الموظفين، فعلى الأقل أن تتوقف عن توفير الغطاء الإنساني لمن ينهبون موارد البلاد ويتاجرون بآلام أهلها.
ما يحتاجه اليمنيون اليوم ليس تزيين الشوارع، بل استعادة أرزاقهم وحقوقهم، وليس إقامة مهرجانات الولاء، بل إعادة التعليم والصحة والكرامة إلى حياة الناس، فالوطن لا يُبنى بالطلاء، ولا تُدار الدولة بمكبرات الصوت، بل بالعدل والشفافية وصرف المرتبات.

216.73.216.131