الأربعاء 10 سبتمبر 2025 12:01 صـ 18 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”100 مليون ريال شهريًا فقط وقود! ما الذي يدفع جامعة العلوم والتكنولوجيا لرفع الرسوم رغم انخفاض الصرف؟”

الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 10:38 مـ 17 ربيع أول 1447 هـ
احتجاجات الطلاب
احتجاجات الطلاب

في زيارة ميدانية نوعية، زار الصحفي المعروف عبدالرحمن أنيس، أمس، جامعة العلوم والتكنولوجيا في عدن، بدعوة رسمية من إدارتها، في إطار حرصه على تتبع تداعيات قضية الرسوم الدراسية التي أثارت موجة احتجاجات طلابية واسعة خلال الأسابيع الماضية، وأدت إلى شلل جزئي في العملية التعليمية.

216.73.216.105

وخلال لقاء مطول جمعه مع رئيس الجامعة، الدكتور عبدالغني حميد، تناول أنيس جوانب متعددة من الأزمة، بدءًا من التباين الصارخ بين أسعار الصرف المعتمدة سابقًا وحاليًا، وصولًا إلى تأثيرات القرار على الطلاب وأسرهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.

مفارقة في أسعار الصرف الجامعي

أشار الصحفي أنيس إلى "مفارقة واضحة" في سياسة الجامعة تجاه تحديد سعر الدولار الجامعي، موضحًا أن "الجامعة في العام الدراسي الماضي، حين كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء يلامس 2500 ريال، اعتمدت سعرًا رمزيًا قدره 850 ريالًا فقط للدولار الجامعي، وهو ما شكّل تخفيفًا كبيرًا على كاهل الطلاب وأسرهم".

وأضاف: "أما في العام الحالي، فرغم انخفاض سعر صرف الدولار في السوق إلى نحو 1631 ريالًا، فإن الجامعة رفعت السعر المعتمد للدولار الجامعي إلى 1100 ريال، أي بزيادة تقارب 30% مقارنة بالعام الماضي، في خطوة أثارت استياءً واسعًا بين الطلاب وأولياء الأمور".

مبررات الجامعة: التزامات مالية ضخمة وضغوط تشغيلية

من جهته، قدّم الدكتور عبدالغني حميد، رئيس الجامعة، تفسيرات مفصلة لقرار رفع السعر، مشيرًا إلى أن المؤسسة التعليمية الخاصة تواجه "ضغوطًا مالية غير مسبوقة"، أبرزها:

  • فاتورة وقود (ديزل) تتجاوز شهريًا 100 مليون ريال يمني، لتشغيل المولدات الكهربائية في ظل انقطاع التيار المستمر.
  • رفع مرتبات أعضاء هيئة التدريس بنسبة 90%، أغلبهم من الكوادر المتفرغة ومن جنسيات عربية، في محاولة للحفاظ على مستوى أكاديمي متميز.
  • صيانة وتشغيل معامل متطورة ومراكز بحثية وتجهيزات تقنية حديثة تتطلب إنفاقًا مستمرًا لضمان جودة التعليم ومواكبة المعايير الدولية.

وأكد حميد أن الجامعة "ليست مؤسسة ربحية بالمعنى التجاري، بل مشروع تعليمي وطني يسعى لتقديم تعليم نوعي في ظروف استثنائية"، مشددًا على أن "أي خلل في التمويل سيؤثر مباشرة على استمرارية العملية التعليمية وجودتها".

تسهيلات جديدة.. لكنها لم تُرضِ الطلاب

وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، كشف رئيس الجامعة عن تسهيلات جديدة في نظام السداد، حيث سيتم اعتماد:

  • سعر 900 ريال للدولار الجامعي للطلاب الذين يسددون الرسوم كاشًا خلال الشهر الأول من العام الدراسي.
  • سعر 1000 ريال للدولار الجامعي للطلاب الذين يختارون نظام التقسيط على مدار العام.

إلا أن الصحفي أنيس أشار إلى أن هذه التسهيلات، رغم أهميتها، "لم تحل جوهر المشكلة"، مؤكدًا أن "نحو 80% من القاعات الدراسية ما تزال شبه فارغة بسبب استمرار الإضراب الطلابي"، وهو ما يعكس عمق الأزمة وعدم اقتناع الطلاب بالحلول المطروحة.

مقترح توحيدي يُرفض

وأوضح أنيس أنه قدم مقترحًا عمليًا أثناء اللقاء، يتمثل في توحيد سعر الدولار الجامعي عند 900 ريال سواء للسداد الكاش أو التقسيط، معتبرًا أن "هذه الزيادة (من 850 إلى 900) معقولة ومقبولة مقارنة بالظروف الاقتصادية"، كما أنها "تحافظ على استقرار العملية التعليمية وتخفف من الاحتقان الطلابي".

غير أن رئيس الجامعة لم يوافق على هذا المقترح، مبررًا رفضه بأن "نظام التقسيط يحمل الجامعة تكاليف إضافية تتعلق بتأخير التدفق النقدي، ويجب أن يُعوّض عبر فارق بسيط في السعر".

خاتمة: حوار مستمر.. وأزمة لم تُحل

تُعد هذه الزيارة واحدة من أبرز المحاولات الإعلامية لفتح قنوات الحوار المباشر بين إدارة الجامعة وممثلي الرأي العام، في مسعى لفهم جذور الأزمة وتقريب وجهات النظر. لكنها في الوقت ذاته تكشف عن فجوة لا تزال قائمة بين مطالب الطلاب وقدرات الجامعة المالية، مما يفرض ضرورة البحث عن حلول وسطى تراعي كلا الطرفين، وتضمن استمرار التعليم دون إرهاق الطلاب أو تعريض الجامعة لخطر الإفلاس.

ويتوقع مراقبون أن تستمر الضغوط الطلابية خلال الأيام المقبلة، في ظل غياب حل جذري يُرضي جميع الأطراف، ما لم تتدخل جهات وسيطة أو تُطرح مبادرات جديدة تعيد الثقة بين الطلاب وإدارة الجامعة.

موضوعات متعلقة