”بعد 63 عامًا... هل لا يزال اليمن يملك ثورة؟ شاهد الإجابة في المخا!”

بدأت اليوم عدد من المحال التجارية والمؤسسات العامة في مدينة المخا الساحلية، برفد شوارعها وأسواقها بأعلام الجمهورية اليمنية، في مشهدٍ حافل يجسد عزيمة الشعب اليمني على التمسك بتراثه الثوري ورفضه لأي تجاوزات خارج إطار الشرعية الدستورية، استعدادًا للاحتفاء بالذكرى الـ63 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، التي أطاحت بالحكم الإمامي وفتحت أبواب الحرية والتنوير أمام اليمنيين.
216.73.216.105
وتحولت الشوارع الرئيسية في المخا، ومنها شارع البحر وشارع التحرير، إلى لوحة وطنية متحركة، حيث رفعت الأعلام الصفراء والسوداء والبيضاء فوق محلات البقالة، ومكاتب البريد، ومقاهي الشباب، وحتى أسطح المنازل، فيما علّقت بعض المؤسسات التعليمية والجمعيات الأهلية لافتات كُتبت عليها شعارات مثل: "26 سبتمبر... ثورة حرية لا طاعة لمن يسرق الوطن"، و"اليمن واحد لا يقبل التقسيم".
وقال أحد تجار المدينة، أحمد علي محمد، وهو يرفع علمًا كبيرًا فوق باب متجره: "هذا العلم ليس مجرد قماش، إنه دماء شهدائنا، ودموع أمهاتنا، وإرادة شعب لم يستسلم. نحن هنا في المخا، رغم كل الظروف، لن نسمح لأي جهة أن تحول ذكرى ثورتنا إلى يوم عادي. 26 سبتمبر هي ولادتنا الحقيقية كدولة مستقلة".
وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو توثق المشهد في المخا، ولاقت تفاعلاً واسعًا من مواطنين من مختلف المحافظات، خاصة من المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، حيث أرسل العديد من اليمنيين رسائل مكتوبة وصوتية تؤكد أن "الثورة لم تمت، وإنما تنتظر لحظتها للعودة".
وفي هذا السياق، أصبح العيد الوطني الـ63 لثورة 26 سبتمبر، منذ سنوات، أكثر من مجرد مناسبة تاريخية؛ بل أصبح مظلةً وطنية جامعة لرفض الهيمنة الحوثية التي تفرض سيطرتها على العاصمة صنعاء وأجزاء كبيرة من شمال البلاد منذ عام 2014، وتُمارس فيها سياسات القمع والتحكم في التعليم والثقافة والرموز الوطنية، بما في ذلك منع الاحتفالات الرسمية أو حتى إظهار الأعلام اليمنية في كثير من المناطق.
وأكد مراقبون سياسيون أن تنامي ظاهرة رفع الأعلام في المدن الساحلية والجنوبية، وفي مناطق السيطرة الحكومية، يعكس تحوّلًا نوعيًا في الخطاب الجماهيري، حيث باتت الذكرى السنوية لثورة سبتمبر تُستخدم كأداة تعبوية ورمزية لإعادة تأكيد هوية الدولة اليمنية الموحدة، وتحديًا مباشرًا لمشروع الجماعة الذي يسعى لإعادة إنتاج نظام إمامي جديد تحت مسميات دينية وسياسية مزيفة.
وتشهد المخا، التي تُعد من أهم المدن الاستراتيجية في محافظة تعز، نشاطًا مكثفًا هذه الأيام، إذ يجري التحضير لتنظيم مسيرات شعبية وندوات ثقافية وشعرية، تتناول دور الثورة في بناء الدولة الحديثة، كما سيتم عرض أفلام وثائقية نادرة عن أحداث 26 سبتمبر 1962، بحضور شخصيات وطنية وعسكريين سابقين.
وفي تصريح لوكالة الأنباء اليمنية، قال وزير الإعلام في الحكومة المعترف بها، الدكتور عبد الله علوان: "إن ما يحدث في المخا وغيرها من المدن هو تعبير حقيقي عن إرادة الشعب اليمني، الذي لا يزال يؤمن بأن وحدته وحضارته وثورته هي الضمان الوحيد لمستقبله. إن رفع العلم في المخا ليس فعلًا زخرفيًا، بل هو إعلان حرب على الفوضى، وإحياء لروح الثورة التي أسست لدولة لا تعرف الطاعة إلا للشعب".
ويأتي هذا الاحتفال في وقت تشهد فيه مناطق سيطرة الحوثي حملات قمع متصاعدة ضد أي محاولة للاحتفال بالذكرى، حيث تم اعتقال العشرات في صنعاء وصنعاء وحجة وصعدة، وتم تفكيك أعلام ولافتات، وفرض غرامات على أصحاب المحلات التي رفعت الأعلام، في خطوة تؤكد أن الجماعة تخشى من قوة الرمز الوطني الذي لا يمكن قمعه.
ويبقى شعار "الثورة مستمرة" هو الأكثر تداولًا بين الشباب اليمني، الذين يرون في 26 سبتمبر ليس فقط بداية النضال ضد الاستبداد، بل أيضًا نموذجًا للوحدة الوطنية التي لا تُبنى على الانقسامات الطائفية أو الإقليمية، بل على إرادة الشعب الواحد.
وفي ختام اليوم، تتجه أنظار اليمنيين نحو الغد، حين يُعلن عن إطلاق مبادرة وطنية لجمع توقيعات من جميع المحافظات لتقديمها إلى مجلس الأمن الدولي، تطالب بوقف التدخلات الأجنبية في شؤون اليمن، ودعم عودة الشرعية الدستورية، واستعادة رموز الدولة التي سُرقت من قبل من يدّعون حمل لواء الدين، بينما هم يسرقون الوطن.