الأربعاء 17 سبتمبر 2025 12:41 صـ 25 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

طالبان تُنفذ حملة واسعة لتقييد الإنترنت في أفغانستان: حظر الألياف البصرية وقطع ”واي فاي”

الأربعاء 17 سبتمبر 2025 01:20 صـ 25 ربيع أول 1447 هـ
طالبان
طالبان

في خطوة تُعد الأشد قمعاً منذ عودتها إلى السلطة، بدأت حكومة طالبان تنفيذ إجراءات صارمة لتقييد الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة في أفغانستان، شملت حظر خدمة الألياف البصرية على مستوى البلاد، وقطع شبكة الإنترنت اللاسلكي "واي فاي" بالكامل في مدينة مزار شريف، عاصمة ولاية بلخ شمالي البلاد، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

أمر مباشر من الزعيم الأعلى

216.73.216.105

وأكد "حاجي زيد"، المتحدث باسم حاكم ولاية بلخ، أن القرار صدر "بأمر مباشر من أمير المؤمنين، الملا هبة الله آخوندزاده"، الزعيم الأعلى لحركة طالبان، مشيراً إلى أن الهدف المعلن من هذه الإجراءات هو "منع المنكرات"، على حد تعبيره. وأضاف زيد أن الحكومة تعمل حالياً على "إيجاد بديل داخلي" للشبكة، دون أن يوضح طبيعة هذا البديل أو الجدول الزمني لتنفيذه.

إجراءات تدريجية وصلت إلى القطع الكامل

وبحسب شهادات سكان محليين في ولاية بلخ، فإن السلطات بدأت منذ أيام بتطبيق إجراءات تدريجية لتقنين الإنترنت، شملت تقليل السرعة، ثم تعطيل خدمات معينة، قبل أن تُقدم على قطع شبكة "واي فاي" بالكامل يوم الاثنين الماضي. ونقلت مصادر من شركات الاتصالات المحلية أن القرار نُفذ "بأوامر مباشرة من قيادات الحركة"، دون إعطاء فرصة للشركات أو المستخدمين للتأقلم مع التغيير.

مبررات أخلاقية... وكلفة مالية حالت دون حجب التطبيقات

وبررت طالبان هذه الخطوة بأنها تأتي في إطار "الحفاظ على القيم الإسلامية ومنع الفحشاء والمنكرات"، مشيرة إلى أنها كانت قد طالبت سابقاً بحجب تطبيقات شهيرة مثل "تيك توك" و"ببجي" لاحتوائها – بحسب وصفها – على "محتوى غير أخلاقي". لكن مصادر داخل الحركة كشفت أن الكلفة الباهظة لعملية الحجب التقني لتلك التطبيقات – والتي تصل إلى نحو 100 ألف دولار أمريكي شهرياً – كانت السبب الرئيسي في تأجيل تنفيذها، ما دفعهم إلى اللجوء إلى الحل "الأكثر شمولاً والأقل كلفة": قطع الإنترنت عالي السرعة بالكامل.

تداعيات كارثية على الاقتصاد والتعليم

ويثير هذا القرار مخاوف عميقة من تداعياته الكارثية على قطاعات حيوية، أبرزها التعليم العالي والتجارة الإلكترونية والعمل الحر. فمدينة مزار شريف، التي تضم جامعات ومراكز بحثية وشركات ناشئة، تعتمد بشكل كبير على الإنترنت عالي السرعة في عملها اليومي. كما أن آلاف الأفغان، خاصة الشباب، يعتمدون على منصات العمل الحر مثل "Upwork" و"Fiverr" كمصدر رئيسي للدخل في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وقال "محمد نادر"، طالب جامعي في مزار شريف: "كيف ندرس؟ كيف نرسل واجباتنا؟ حتى التسجيل في الامتحانات أصبح مستحيلاً". فيما علّق "سراج"، صاحب شركة برمجيات صغيرة: "هذا ليس حظراً للمنكرات، بل حظر للفرص... نحن نُدمر اقتصادنا بأيدينا".

انتقادات دولية وحقوقية

ومن المتوقع أن يواجه القرار إدانات دولية واسعة، خاصة من منظمات حقوق الإنسان التي طالما حذرت من تقييد طالبان المتزايد لحرية التعبير والوصول إلى المعلومات. كما أن قطع الإنترنت يُعد انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، التي تعتبر الإنترنت حقاً أساسياً في العصر الحديث.

ما بعد القطع: هل تتجه أفغانستان نحو "عزلة رقمية"؟

يبقى السؤال الأكبر: هل تتجه أفغانستان تحت حكم طالبان نحو "عزلة رقمية" تامة، كما حدث في عهدها الأول بين 1996 و2001؟ أم أن الضغوط الداخلية والخارجية ستدفعها إلى التراجع أو التخفيف من حدة الإجراءات؟

في الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات على تراجع الحركة عن قرارها، بل على العكس، تُظهر تصريحاتها الرسمية إصراراً على "تطهير الفضاء الرقمي" وفق رؤيتها الدينية، حتى لو كلف ذلك البلاد عزلة دولية وانهياراً اقتصادياً إضافياً.

موضوعات متعلقة