”بينما القبائل تتصارع… الحوثيون يخطفون الرهائن ويُشعلون الفتيل!”

عادت أصوات الرصاص والانفجارات لتُمزق هدوء مديرية أرحب شمالي العاصمة صنعاء، في مشهدٍ يعكس تدهورًا أمنيًا مقلقًا، مع تجدد مواجهات قبلية عنيفة أسفرت عن سقوط ثمانية قتلى — سبعة رجال وامرأة واحدة — وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، وسط تقارير تُشير إلى استخدام الأسلحة الثقيلة والخفيفة من قبل الطرفين المتصارعين.
216.73.216.103
ووفقًا لمصادر قبلية مطلعة، فإن الاشتباكات اندلعت بين قبيلتي "حبار" و"بيت بعيس"، في مواجهات تطورت بسرعة إلى معارك مسلحة، خلّفت وراءها دماءً وأشلاءً، وأجبرت عائلات بأكملها على النزوح من منازلها خوفًا على حياتها، فيما لا تزال المعارك مستمرة حتى اللحظة، وسط مخاوف حقيقية من اتساع رقعة العنف وارتفاع حصيلة الضحايا، خاصة مع غياب أي تدخل أمني أو إنساني فاعل.
لكن الأدهى من الصراع القبلي ذاته، هو الدور الذي لعبته مليشيا الحوثي في تأجيج الأزمة، إذ لم تكتفِ بدور المتفرج، بل تورّطت بشكل مباشر في تصعيد الأحداث، حيث أقدمت على اختطاف عشرين شخصًا من أبناء القبيلتين المتصارعتين، واحتجزتهم كرهائن في سجونها المنتشرة في المنطقة، في خطوة وصفها شهود عيان وناشطون محليون بأنها "ابتزاز سياسي واستغلال للصراع القبلي لتعزيز النفوذ".
وتشير المصادر القبلية إلى أن قيادات حوثية بارزة متورطة في تأجيج الصراع بين القبيلتين، عبر تغذية الخلافات وتوفير الذخيرة أو التغاضي عن تحركات المسلحين، بهدف إطالة أمد المواجهات، واستغلال حالة الفوضى لبسط سيطرتها على مناطق جديدة، أو فرض شروطها على القبائل المتنازعة، مما يُفاقم معاناة السكان المدنيين، ويُغذي دوامة العنف التي تهدد باستنزاف المجتمع المحلي.
ويُحذر مراقبون من أن استمرار هذا النمط من التصعيد القبلي — بدعم أو تغاضٍ حوثي — يُنذر بانفجار أمني واسع النطاق في مناطق الشمال، خصوصًا في ظل غياب الدولة ومؤسساتها، وضعف أي ضوابط قانونية أو أمنية تحكم النزاعات، ما يفتح الباب أمام تدخلات خارجية أو استغلال الجماعات المسلحة للوضع لصالح أجندات سياسية.
ويُطالب أهالي المنطقة والمنظمات الحقوقية المجتمع الدولي والجهات المعنية بالتدخل العاجل لوقف نزيف الدم، والإفراج الفوري عن المختطفين، وتحييد المدنيين عن صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فيما تُطالب القبائل المتحاربة بالعودة إلى طاولة الحوار قبل فوات الأوان، لأن "الرصاص لا يُفرّق بين صديق وعدو، والدماء لا تُسترد".
مديرية أرحب، الواقعة على مشارف صنعاء، تُعد من المناطق القبلية الحساسة، وتشهد بين الحين والآخر نزاعات مسلحة، لكن التصعيد الأخير يُعد الأعنف منذ سنوات، خصوصًا مع تورط جهات مسلحة منظمة في تأجيج الصراع، وهو ما يُنذر بتحول النزاعات القبلية إلى أدوات في يد القوى السياسية لتحقيق مكاسب على حساب استقرار وأمن المواطنين.