”الصورة التي أبكت اليمن… كيف ودّع نجل علي عنبة أسطورة الفن؟”

في جوٍّ يلفّه الحزن والأسى، شيّع المئات من محبي الفن والثقافة جثمان الفنان اليمني الكبير علي عنبة، صباح اليوم، في العاصمة صنعاء، وسط مشاهد مؤثرة عبّرت عن عمق الفقد الذي خيّم على الأوساط الفنية والمجتمعية على حدٍّ سواء.
ومن بين اللحظات التي التقطتها عدسات المصورين وأثارت تفاعلًا واسعًا، كانت صورة نجل الفنان الراحل وهو يقف صامتًا بجوار نعش والده، وقد بدت على ملامحه علامات الحزن العميق والانكسار، كأنّ الزمن توقّف في تلك اللحظة ليُجسّد وجع الفقد الذي لا يُحتمل.
وأظهرت اللقطة، التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من التأثر، الشاب وقد غلب عليه البكاء الخفي، بينما كان يُمسك بطرف الكفن بيدٍ مرتعشة، في مشهدٍ يختزل عمق العلاقة بين أبٍ كان مصدر إلهامٍ لابنه، وابنٍ يودّع عمودًا من أعمدة حياته.
وقد ودّع المشيّعون الفنان الراحل، الذي رحل بعد مسيرة فنية امتدت لعقود، حمل خلالها رسالة الفن النبيل، وترك بصمة لا تُمحى في الذاكرة الجماعية، عبر أعماله التي جسّدت هموم المواطن اليمني وهموم الوطن، بصدقٍ وإحساسٍ نادرَين.
ويُعدّ علي عنبة من أبرز الأصوات الفنية التي ساهمت في تشكيل المشهد الثقافي اليمني الحديث، حيث قدّم خلال مشواره عشرات الأغاني والأعمال التراثية والوطنية التي لا تزال تُغنّى حتى اليوم، مُخلّفًا إرثًا فنيًّا وإنسانيًّا كبيرًا سيظلّ مصدر إلهام للأجيال القادمة.
وقد توافد على مراسم التشييع شخصيات فنية، ثقافية، وسياسية، بالإضافة إلى جمهور عريض من المعجبين الذين أرادوا أن يُلقوا نظرة الوداع الأخيرة على فنانٍ لم يكن فقط صوتًا جميلًا، بل كان أيضًا رمزًا للطيبة، التواضع، والانتماء.
ويُوارى جثمان الفقيد الثرى في مقبرة خُصّصت له في صنعاء، بعد صلاة الجنازة التي أُقيمت في جامعٍ مركزي وسط العاصمة، وسط دعواتٍ صادقة من المشيّعين أن يتغمّده الله بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جنّاته.