الأحد 19 أكتوبر 2025 01:37 مـ 27 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

جيل Z يتجاهل الأمن السيبراني رغم تفوقه التقني: دراسات تكشف مفارقة رقمية خطيرة

الأحد 19 أكتوبر 2025 02:54 مـ 27 ربيع آخر 1447 هـ
جيل Z والأمن السيبراني
جيل Z والأمن السيبراني

بدأت دراسات دولية حديثة تسلط الضوء على العلاقة المتناقضة بين جيل Z والأمن السيبراني، حيث تشير النتائج إلى أن الجيل الأكثر ارتباطًا بالتكنولوجيا هو في الوقت نفسه الأقل التزامًا بإجراءات الحماية الرقمية، ما يضعه في صدارة الفئات المستهدفة بالهجمات الإلكترونية عالميًا.

ضعف الوعي رغم الاتصال الدائم

تشير تقارير بحثية صادرة عن مؤسسات مثل Pew Research Center وIBM Security إلى أن غالبية الشباب في الفئة العمرية من 18 إلى 25 عامًا لا يستخدمون الأدوات الأساسية للأمان الرقمي مثل كلمات المرور القوية أو خاصية التحقق الثنائي، ويرى كثيرون منهم أن "الاختراقات تحدث للآخرين فقط"، وهو تصور يعكس غياب الإحساس بالخطر رغم الانغماس اليومي في العالم الافتراضي.

وفي مقارنة بين جيل الألفية وجيل Z أجريت عام 2020، أظهرت النتائج أن الجيل الأقدم أكثر التزامًا بتحديث برامجه ومراجعة سياسات الخصوصية، فيما يميل الأصغر سنًا إلى تجاهل التنبيهات الأمنية وتقدير الخطر تقديرًا منخفضًا.

نتائج دراسات عالمية تكشف مفاجآت

أظهر تقرير "Oh, Behave! Annual Cybersecurity Attitudes Report 2022" الذي شمل 3000 مشارك من أمريكا وكندا والمملكة المتحدة أن نحو 47% من أفراد جيل Z يعتبرون حماية أنفسهم على الإنترنت أمرًا سهلًا، لكنهم في الواقع يسجلون أعلى معدلات الوقوع ضحية للتصيد والابتزاز وسرقة الهوية.

وتؤكد البيانات أن هذه الفئة العمرية تتعامل مع الإنترنت براحة مفرطة، ما يزيد من احتمالية تعرضها للمخاطر الرقمية مقارنة بالأجيال الأكبر سنًا.

الثقة المفرطة تقود إلى اللامبالاة

بحسب تقرير صادر عن GWI في سبتمبر 2025، فإن 30% فقط من جيل Z يغيّرون كلمات مرورهم بانتظام، مقابل 42% من جيل الطفرة السكانية، كما أظهرت الإحصاءات أن أقل من نصفهم يقوم بتحديث أجهزته وبرامجه بشكل دوري، وهو ما يعكس ظاهرة "الثقة الزائدة" في المهارات التقنية الذاتية.

ويرى الخبراء أن هذا الشعور بالتمكن يدفع الشباب إلى تجاهل أبسط أسس الوقاية، معتقدين أن معرفتهم الرقمية كافية لحمايتهم من أي تهديد إلكتروني.

أسلوب الحياة الرقمي يزيد الهشاشة

أوضح تقرير Kaspersky أن أسلوب "العمل المتعدد" أو الـ Poly-working — أي استخدام نفس الجهاز في الدراسة والعمل والترفيه — يجعل جيل Z أكثر عرضة للهجمات، فقد تم رصد أكثر من 19 مليون محاولة اختراق استهدفت هذه الفئة بين أبريل 2024 ومارس 2025 عبر تطبيقات وألعاب مزيفة.

وفي السياق نفسه، ذكرت تقارير SecureWorld أن القراصنة يطورون حملاتهم خصيصًا لاستغلال أنماط استخدام هذا الجيل، الذي يعتمد بكثافة على الهواتف المحمولة والروابط القصيرة والمجهولة.

الارتباك الرقمي وتأثيره على السلوك

دراسة CybSafe 2024-25 أكدت أن أكثر من ثلث جيل Z يرى أن الأمن السيبراني "أمر معقد ومرهق"، ما يجعلهم يتجنبون خطوات الحماية الأساسية مثل المصادقة الثنائية، وبيّنت الدراسة أن نسبة من يجدون صعوبة في التعامل مع الأمان الرقمي ارتفعت بمعدل 12% خلال عام واحد فقط.

كما أن 35% فقط من شباب هذا الجيل يتجنبون شبكات Wi-Fi العامة، مقابل 48% من الأجيال الأكبر، في إشارة واضحة إلى تفضيل الراحة والسرعة على حساب الأمان.

بين الوعي النظري والسلوك العملي

يؤكد الباحثون أن المشكلة لا تكمن في نقص المعرفة، بل في الفجوة بين الإدراك والسلوك. فجميع أفراد جيل Z والأمن السيبراني يدركون أهمية الحماية الرقمية، لكن قلة منهم يطبقون ما يعرفونه في الواقع، ويرى المتخصصون أن الحل يبدأ من التعليم والتدريب المبكرين على السلوك الرقمي المسؤول، وليس الاكتفاء بالمعرفة التقنية فقط.

تشير المؤشرات إلى أن مستقبل الأمن السيبراني يعتمد على تحويل وعي جيل Z بالأمن السيبراني إلى ممارسة فعلية، من خلال حملات توعية رقمية وبرامج تعليمية موجهة، تعيد التوازن بين الراحة الرقمية والسلامة الشخصية في عالم متسارع الخطر.