حفاظاً على كرامته.. مناشدة عاجلة في صنعاء لإنقاذ فنان يمني مخضرم من براثن الفقر
أثارت مناشدة واسعة النطاق أطلقها ناشطون وفعاليات ثقافية في العاصمة اليمنية صنعاء، حالة من الجدل والقلق العميق، داعيةً إلى تحرك عاجل ومساند لأحد أعمدة الفن اليمني المخضرمين، الذي يمر بأوضاع مالية وإنسانية وصفها المبادرون بـ"الصعبة والكارثية".
ووفقاً لما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الفنان المعني، الذي تُرك اسمه مجهولاً تقديراً لمكانته، يُعد من "أكبر وأبرز الفنانين" الذين يعرفهم الجميع في الساحة الفنية اليمنية، ويتمتع بتاريخ فني حافل بالعطاء وأعمال خالدة رسخت اسمه في الذاكرة الجماعية.
إلا أن هذا التاريخ المجيد لم يشفع له في مواجهة ظروف الحياة القاسية، حيث وصل تدهور وضعه المادي إلى درجة خطيرة، مع تأكيدات بأنه "لا يملك قوت يومه".
سرية الكرامة.. قرار إنساني يزيد من إلحاح الموقف
وجاء قرار عدم كشف هوية الفنان، بحسب مصادر مقربة من المبادرة، كإجراء "إنساني وأخلاقي" بالدرجة الأولى، يهدف إلى الحفاظ على ما تبقى من كرامة الرجل الذي ظل لعقود طويلة وجهًا مشرقًا للفن والإبداع في اليمن.
وأكد الناشطون أن ذكر اسمه علنًا قد يسبب له حرجًا كبيرًا ويمس بمكانته الاجتماعية الرفيعة، مما يستدعي التعامل مع قضيته بأقصى درجات السرية والاهتمام.
هذا التكتم لم يقلل من حدة النداء، بل زاد من تأثيره، حيث فتح باب التكهنات حول هوية الفنان، وفي الوقت نفسه، وجه الأنظار نحو قضية أكبر وأعمق تتعلق بمصائر العديد من الفنانين القدامى الذين طواهم النسيان في ظل غياب شبكات الأمان الاجتماعي.
نداء مؤثر للمسؤولية الجماعية
ووجّه أصحاب المناشدة نداءً صريحًا ومؤثرًا إلى كافة الفنانين والعاملين في الحقل الثقافي، محملين إياهم مسؤولية التكافل والتدخل قبل فوات الأوان. وجاء في أبرز فقرات النداء:
"تفقدوا زملاءكم في الساحة الفنية... مش لما يموت من القهر والباطل ترجعوا تقولوا إيش عرفنا أنه كان محتاج أو ما عنده مصروف بيته."
وهي عبارة تحمل في طياتها نقدًا لاذعًا لثقافة التكاتف التي غابت عن المشهد الفني، وتؤكد على ضرورة تحويل المساندة من ردة فعل بعد وقوع الكارثة، إلى فعل وقائي مستمر يضمن كرامة المبدعين في حياتهم لا بعد مماتهم.
تحديات قائمة ودور مؤجل
تأتي هذه المناشدة لتكشف عن جانب مظلم من واقع الفن والفنانين في اليمن، حيث يعاني الكثيرون منهم، وخاصة كبار السن، من هشاشة الأوضاع المعيشية وغياب الدعم المؤسسي.
وتطرح الحادثة مجدداً تساؤلات حادة حول دور وزارة الثقافة والجهات المعنية والمنظمات الثقافية في توفير شبكة حماية اجتماعية للفنانين، الذين يعتبرون جزءاً أساسياً من نسيج الهوية الوطنية.
ويرى مراقبون أن هذه الحالة قد تكون نقطة انطلاق لمراجعة شاملة لآليات دعم الفن والفنانين، والعمل على إنشاء صندوق دعم أو نظام تقاعد يضمن لهم حياة كريمة بعد سنوات من العطاء، بدلاً من تركهم لمصائر مجهولة في ظل صمت مطبق.













