توتر يشتعل في القرن الإفريقي.. من ينتصر إذا اشتعلت الحرب بين إثيوبيا وإريتريا؟
تزايدت في الآونة الأخيرة المخاوف من اندلاع الحرب بين إثيوبيا وإريتريا بعد أن شهدت العلاقات بين البلدين تدهورًا ملحوظًا، خاصة في ظل مساعي أديس أبابا للحصول على منفذ إلى البحر الأحمر عبر الأراضي الإريترية، وبرغم عدم وجود حرب مباشرة في الوقت الحالي، إلا أن المؤشرات الميدانية والسياسية توحي باحتمال تفجر صراع جديد يهدد استقرار منطقة القرن الإفريقي.
ميزان القوى العسكرية بين البلدين
تشير التحليلات العسكرية إلى أن كفة إثيوبيا تميل من حيث القوة العددية والقدرات الدفاعية مقارنة بإريتريا، فبحسب موقع Global Firepower، تحتل إثيوبيا المرتبة 52 عالميًا في التصنيف العسكري، بينما تأتي إريتريا في المرتبة 120، تمتلك إثيوبيا جيشًا نظاميًا كبيرًا يركّز على حماية الحدود ومواجهة التحديات الداخلية، في حين تعتمد إريتريا على قوات مدربة تتمتع بخبرة ميدانية، لكنها محدودة الإمكانات مقارنة بجارتها الجنوبية.
العوامل المؤثرة في احتمالية الحرب
تتداخل مجموعة من العوامل السياسية والعسكرية في تحديد مصير الحرب بين إثيوبيا وإريتريا في حال اندلاعها، أبرز هذه العوامل هي الديناميكيات الداخلية والتحالفات الإقليمية المتقلبة، إذ سبق أن تحالفت أديس أبابا وأسمرة مؤقتًا خلال حرب تيغراي بين عامي 2020 و2022 قبل أن تنهار العلاقة مجددًا، كما أن الدعم الخارجي المحتمل لبعض الأطراف، مثل الحديث عن تعاون مصري – إريتري غير مؤكد، قد يعيد رسم موازين القوى في المنطقة.
الأهداف الاستراتيجية وراء التوتر
يعد الوصول إلى البحر الأحمر الهدف الأبرز لإثيوبيا التي تفتقر إلى منفذ بحري منذ استقلال إريتريا عام 1993، وتسعى الحكومة الإثيوبية إلى ضمان ممر آمن للتجارة والنفط عبر ميناء عصب الإريتري، وهو ما تعتبره أسمرة تهديدًا مباشرًا لسيادتها الوطنية، هذه المطامع الجغرافية تضيف بعدًا استراتيجيًا للصراع المحتمل بين الجارتين.
العواقب الإنسانية والإقليمية المحتملة
أي مواجهة عسكرية جديدة بين إثيوبيا وإريتريا ستكون كارثية على المنطقة، إذ تهدد باندلاع أزمة إنسانية واسعة النطاق تمتد آثارها إلى السودان والصومال وجيبوتي، ويؤكد محللون أن مئات الآلاف من المدنيين قد يتضررون في حال تدهورت الأوضاع، خاصة في ظل هشاشة البنية التحتية وتراجع المساعدات الإنسانية بعد حرب تيغراي الأخيرة.
دروس من الحرب السابقة
تُعد الحرب الإثيوبية الإريترية بين عامي 1998 و2000 مثالًا واضحًا على استنزاف كلا البلدين في صراع حدودي لم يسفر عن منتصر حقيقي، فقد أسفرت تلك الحرب عن مقتل عشرات الآلاف وخسائر اقتصادية هائلة، ما يجعل تكرار السيناريو نفسه كارثة بكل المقاييس، ويرى المراقبون أن الحلول الدبلوماسية تبقى الخيار الأمثل لتجنب الحرب بين إثيوبيا وإريتريا مجددًا.
خلاصة الموقف الحالي
رغم تفوق إثيوبيا من حيث القدرات العسكرية، إلا أن أي حرب مستقبلية ستكون معقدة ومكلفة للطرفين، نظرًا لتشابك المصالح الإقليمية والتدخلات الخارجية المحتملة، ويجمع الخبراء على أن اندلاع الحرب بين إثيوبيا وإريتريا لن يحقق مكاسب استراتيجية دائمة لأي من الجانبين، بل سيؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة القرن الإفريقي بأكملها.













