السبت 2 أغسطس 2025 11:20 مـ 8 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

التحكم في سوق الصرافة: خطوة حاسمة نحو إنقاذ الريال اليمني

السبت 2 أغسطس 2025 11:33 مـ 8 صفر 1447 هـ
التحكم في سوق الصرافة: خطوة حاسمة نحو إنقاذ الريال اليمني


في خطوة طال انتظارها أصدر البنك المركزي اليمني في عدن توجيهًا حاسمًا بمنع شركات ومنشآت الصرافة من تنفيذ أي تحويلات خارجية تتعلق بشراء المشتقات النفطية، مؤكدًا أن جميع تلك العمليات يجب أن تتم حصريا عبر البنوك التجارية المعتمدة.

هذه الخطوة التي جاءت ضمن حزمة من الإجراءات الرقابية الأخيرة تعكس تحولًا مهمًا في أداء الحكومة والبنك المركزي نحو استعادة السيطرة على السوق المالية وإغلاق منافذ الفوضى النقدية التي ظلت تُستغل لسنوات.

وبالقدر الذي يمكن فيه اعتبار القرار متأخرًا مقارنة بحجم الأضرار التي خلفها الاعتماد المفرط على سوق الصرافة لتمويل التجارة فإن التحرك الأخير يستحق الإشادة ويبعث برسالة واضحة أن هناك إرادة سياسية ومصرفية لفرض الانضباط، وتجفيف منابع المضاربة التي تسببت في استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي وضرب استقرار الريال اليمني.

وقد بدأت ملامح هذه الإجراءات تنعكس بالفعل على السوق، حيث شهد سعر صرف الريال اليمني خلال الأيام الماضية تحسنًا ملحوظًا إذ انخفض سعر صرف الدولار من مستويات قاربت 2750 ريالًا إلى مادون 1800ريال للدولار الواحد في سوق عدن فيما تراجع سعر الريال السعودي إلى أقل من 500 بعد أن كان قد تجاوز 730 في وقت سابق.

ويُعزى هذا الانخفاض إلى تراجع الطلب المضاربي على العملات الأجنبية خاصة بعد تقييد حركة الصرافين وتشديد الرقابة على تحويلات الوقود ما خلق حالة من الاستقرار النسبي في السوق.

ومن المرجّح أن تنعكس هذه الإجراءات أيضا على أسعار السلع بما فيها المواد الغذائية الأساسية إذ إن استقرار سعر الصرف وتراجع المضاربة على العملات الأجنبية سيؤديان إلى خفض تكلفة الاستيراد ما قد يسهم تدريجيًا في تخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين إذا ما ترافقت هذه التحركات مع رقابة فاعلة من وزارة التجارة على الأسواق وسلاسل التوريد.

من المهم هنا التنويه بأن هذه الإجراءات ليست معزولة بل تزامنت مع تحركات أوسع شملت إغلاق شركات صرافة مخالفة وتعليق تراخيص العشرات منها إلى جانب إطلاق خطة لإعادة هيكلة نظام المدفوعات والتسويات البنكية.

كل هذه الخطوات تؤكد أن هناك مناخًا جديدًا يتشكل داخل مؤسسات الدولة عنوانه فرض هيبة النظام المالي وتمكين البنوك من أداء دورها الأساسي في تنظيم السوق وحماية العملة.
كما تعكس هذه التحركات الجدية المتزايدة في أداء الحكومة تجاه ملف الإصلاحات المالية، بعد سنوات من التراخي والارتباك.

ومع ذلك، فإن نجاح القرار يظل مرهونًا بقدرة البنك المركزي على التنفيذ الفعلي والتنسيق مع الجهات الأمنية والرقابية إلى جانب دعم سياسي واضح لمواجهة أي ضغوط أو محاولات التفاف قد تقودها مراكز نفوذ مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه.

ختاما يمكن القول إن الحكومة وعبر ذراعها النقدي بدأت تخطو خطوات جادة نحو المعالجة لكنها بحاجة إلى الاستمرارية والحزم وتوسيع نطاق الإصلاح، حتى يتحول هذا التحرك من مجرد إجراء طارئ إلى سياسة مالية مستدامة.

موضوعات متعلقة