الأربعاء 6 أغسطس 2025 11:36 مـ 12 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

مواطنون يكشفون ”مفارقة صادمة” في إعلان تخفيض أسعار الدقيق

الخميس 7 أغسطس 2025 12:29 صـ 13 صفر 1447 هـ
دقيق
دقيق

في تطور لافت يعيد فتح النقاش حول مصداقية الإعلانات التسويقية للشركات الكبرى في ظل التقلبات الاقتصادية الحادة، كشفت حسابات قام بها عدد من المواطنين عن مفارقة صادمة في إعلان شركة "هائل سعيد أنعم" مؤخراً عن تخفيض أسعار الدقيق، مشيرين إلى أن هذا التخفيض لا يعكس واقعاً حقيقياً، بل يُعد في جوهره زيادة حقيقية في سعر المنتج عند حسابه بالعملة الأجنبية.

وأثار الإعلان الذي تباهت به الشركة بوصفه "خطوة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن" ردود فعل واسعة بين المتابعين والمواطنين، بعد أن قام مختصون وناشطون اقتصاديون بتحليل الأرقام بناءً على تغيرات سعر صرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي، والذي شهد تقلبات حادة في الأشهر الأخيرة.

تحليل يُظهر ارتفاعاً حقيقياً في السعر

استند التحليل إلى مقارنة سعر كيس الدقيق بوزن 50 كيلوجراماً قبل وبعد التخفيض، مع أخذ سعر الصرف وقت كل حالة بعين الاعتبار:

  • قبل التخفيض:

    • سعر الكيس: 60,000 ريال يمني.
    • سعر صرف الريال السعودي: 770 ريالاً يمنياً.
    • السعر المحوسب بالريال السعودي: 84.16 ريالاً سعودياً.
  • بعد التخفيض المعلن:

    • سعر الكيس: 43,000 ريال يمني (انخفاض ظاهري بنسبة 28.3%).
    • سعر صرف الريال السعودي: 425 ريالاً يمنياً.
    • السعر الفعلي بالريال السعودي: 101 ريالاً سعودياً.

ومن هذه الحسابات، يتضح أن السعر الحقيقي للمنتج ارتفع بنحو 16.84 ريالاً سعودياً لكل كيس، أي ما يعادل زيادة تزيد عن 20% بالعملة الصعبة، رغم انخفاض السعر الظاهري بالعملة المحلية.

"تخفيض وهمي" يستغل انهيار العملة

وصف المواطنون هذه الخطوة بـ"التخفيض الوهمي"، مؤكدين أنها تُعد مناورات تسويقية تُستغل فيها انهيارات سعر الريال اليمني لتقديم صورة زائفة عن دعم المستهلك، في حين أن الأثر الحقيقي يصب في مصلحة الشركة، لا الشعب.

وأشار مراقبون إلى أن مثل هذه الحسابات تكشف عن ثغرة خطيرة في طريقة قياس الأسعار في ظل انهيار العملة، حيث تصبح الأرقام بالعملة المحلية غير معبّرة عن القيمة الحقيقية للسلع، مما يتيح للشركات التلاعب بالإدراك العام للأسعار دون المساس بالربحية.

اتهامات بـ"الاستغلال الممنهج"

وأعرب عدد من المواطنين عن استيائهم من ما وصفوه بـ"الاستغلال الممنهج" لظروف المعيشة الصعبة، مطالبين بضرورة فتح تحقيق في مثل هذه الإعلانات، وفرض رقابة صارمة على الشركات الكبرى، خاصة في قطاعات المواد الغذائية الأساسية.

وأكدوا أن "المواطن البسيط، الذي يعاني من ارتفاع متصاعد في تكاليف المعيشة، لا يرى أي تحسن فعلي في قدرته الشرائية، بل يشعر بزيادة الضغط عليه يوماً بعد يوم، حتى مع ما يُعلن عن تخفيضات".

مطالبات بتدخل عاجل

في المقابل، طالب ناشطون اقتصاديون وحقوقيون الجهات الرقابية المختصة، بما في ذلك وزارة الصناعة والتجارة، وهيئة تنظيم الأسواق، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان شفافية الأسعار، وفرض معايير دقيقة لتقييم أي تخفيضات معلنة، تشمل حساب القيمة الفعلية بالعملات الأجنبية أو السلع الأساسية.

كما دعوا إلى إلزام الشركات الكبرى بنشر بيانات مفصلة عن تغيرات الأسعار مع توضيح سعر الصرف المستخدم في الحساب، وربط أي إعلان عن تخفيضات بمؤشرات اقتصادية موضوعية، لمنع التضليل الإعلامي والتسويقي.

السياق الاقتصادي: انهيار العملة يُفاقم المعاناة

ويأتي هذا الجدل في ظل تدهور حاد في قيمة الريال اليمني، الذي فقد أكثر من 60% من قيمته خلال السنوات الثلاث الماضية، ما جعل اعتماد السعر بالعملة المحلية معياراً غير كافٍ لتقييم التغيرات الحقيقية في أسعار السلع.

وأكد خبراء اقتصاديون أن "الشركات الكبرى تستفيد من هذه الفجوة بين السعر الظاهري والسعر الحقيقي، حيث يمكنها الترويج لتخفيضات وهمية بينما تحقق أرباحاً أعلى بسبب تغيرات سعر الصرف، في الوقت الذي يدفع فيه المواطن الثمن الأكبر".

في النهاية، يُظهر التحليل أن ما تم الترويج له كـ"إنجاز اجتماعي" من قبل شركة "هائل سعيد أنعم"، يُعد في جوهره خطوة تزيد من معاناة المواطن، لا أن تخففها. فبينما تُعلن الشركة عن تخفيضات، يرتفع السعر الفعلي للمنتج، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مسؤولية الشركات الكبرى في أوقات الأزمات، وضرورة وجود رقابة فعّالة تحمي المستهلك من أي شكل من أشكال التلاعب.

ويُنتظر أن تتصاعد الضغوط على الجهات المعنية للتدخل، وفرض آليات شفافة تضمن أن أي تخفيضات في الأسعار تُترجم فعلاً إلى تخفيف حقيقي في أعباء المعيشة، لا إلى مجرد دعاية تسويقية في زمن انهيار العملة.

موضوعات متعلقة